عبد الرحمن الشاطر : أخياركم في الجاهلية .. أخياركم في الاسلام ...




تصريحاتالدكتور محمود جبريل رئيس المكتب التنفيذي الأخيرة عبر قناة ليبيا الأحرار يوم31-08-2011، المتعلقة بامكانية الاستعانة ببعض الكفاءات ( التكنوقراط) في بناءالدولة الحديثة من ضمن الكوادر الموجودة في الأجهزة الادارية والأمنية والعسكريةفي مرحلة ما بعد انتصار ثورة السابع عشر من فبراير ، توجه نبيل نباركه من مبدأ لااقصاء في الدولة الحديثة. غير أن النوايا الطيبة لا تقود الى الجنة في معظمالأحيان ، الأمر الذي يدفعنا لأن نعبر عن هواجس ومخاوف تنتابنا من أن يتسلقالمتسلقون أمواج الثورة ليس بحبال وسلالم من خشب كما فعلوا في السابق وانما بمصاعدوسلالم كهربائية حديثة. فمستوجبات مثل هذه الاستعانة قد تكون كثيرة ولها جانب منالمنطقية ، غير أن مستوجبات عدم الاستعانة بمثل هؤلاء هي أيضا كثيرة ومنطقيةومبررة.

هناك رأيانعلى وجه التحديد في هذا الصدد:
الأول:  يفترض أن الدولة الليبية بعد تحريرها من القهروالاقصاء، هي مولود جديد أشبه بمرحلة اعلان استقلال ليبيا عام 1951 وممارسة الحكمعام 1952 ، وقتها لم تكن في ليبيا كوادر مؤهلة الا في ما ندر ، ووقتها استعانتالدولة برجال لديهم قدرا من الحكمة وقدرا أكبر من الوطنية والغيرة على البلد.واستطاعت الدولة الليبية في عهد الاستقلال أن تؤسس ادارة جيدة وقوانين ممتازةوحكما يتمتع بالراشدية.
الثاني:الظرف الان مختلف تماما وهو مناسب لأن تبنى الدولة الليبية الحديثة بناء نظيفاوسليما وقد توفرت لها الآلاف من العناصر الشابة التي تتمتع بتعليم ممتاز واحتكاكواسع بالعالم المعاصر وأدواته وطرق تفكيره ، ولذلك ينتفي مبرر أن يتم الاستعانةبالكوادر التي عملت مع نظام القذافي لأنهم لا يمثلون آخر الملجأ والمطاف وطوقالنجاة.
الخشية هوأن يكون هذا التوجه من المكتب التنفيذي مدعوما من المجلس الوطني الانتقالي ، مدخلالتسرب أنصار النظام السابق للادارة الليبية بعد أن غيروا جلودهم أو منحناهم فرصةثمينة لفعل ذلك. وهو توجه ينم عن أخلاق مثالية ، لكنه مضر بشعور وأحاسيس الجماهيرالتي تحركت تحركا ثوريا لازالة نظام بكل ما يشمله من رموز ادارية كانت أو سياسيةأو اقتصادية ، فضلا عن أن أمثال هؤلاء يمثلون ثقافة قديمة تأصل فيها عناصر التخلفوالتملق والخوف والبيروقراطية وقول (نعم) لكل رئيس لهم.
حاجةالدولة لعناصر من التكنوقراط لا تنحصر في عدد معين من الأشخاص اشتغلوا مع النظاموكانوا سدنته وحماته ومن المدافعين والمبررين لسياساته القمعية .
 ربما كان الاحتياج مبررا لو كنا نعيش ظروفرعام1951 لكننا في العام 2011 وشبابنا يعدون بالالاف وهم على درجة عالية من الكفاءةوالمقدرة العلمية.
ينبغي أنلا نقع في خطئ نندم عليه في المستقبل.
 ينبغي أن لا يأخذنا الحماس بالاسراع بعودةالأمور الى طبيعتها أن يأتي تكليفنا لتكنوقراط على حساب الألم الذي حرك الشبابلتقديم أرواحهم والجود بدمائهم.
 ينبغي أن لا يأتي اليوم الذي نقول فيه هناكالحرس القديم والحرس الجديد..ونبحث عن من يقدم لنا وصفة اصلاح.
           فلتكن بداية مشوارنا لتأسيس الدولةالحديثة من البداية بحرس جديد ومن الشباب.

ان الشبابالذين حسموا الأمر عسكريا.. باستطاعتهم أن يحسموا ادارة الدولة بكفاءة عالية.

الدولةالليبية الحديثة ربما في حاجة الى البعض من هؤلاء التكنوقراط ، وبالذات الذينحوربوا وهمشوا واقصوا عن مناصبهم أو حرموا من تقلدها لأن لهم رأيا فنيا مخالفالتوجهات نظام القذافي الذي يبطن خلاف ما يعلن. لكنها ليست في حاجة قاتلة لعناصرولو كانت فنية تشربوا بثقافة الفوضى والملاينة الادارية . فهؤلاء يتصرفون بعقليةكيف تريد القانون أو كيف تريد القرار؟.. غير أننا بحاجة الى تفكير مغاير يقول:هكذا ينبغي أن يكون القانون .. وهكذا ينبغي أن يكون القرار. والفرق واضح بينالمدرستين. مدرسة تعودت على تلقّي الأوامر وتكييفه بالشكل الذي يريده الحاكم .ومدرسة منفتحة على العالم وتريد أن تكون الأشياء صحيحة وواضحة ولا تخدم الا مصلحةالشعب والوطن.

ان العناصرالفنية لم تعد منحصرة في شخص واحد أو مجموعة من الأشخاص مهما أوتوا من علم وكفاءة،فليبيا أولا ولادة وثانيا لديها مخزون هائل من الكفاءات لم تمنح لهم الفرصة .. ألمتر الطلبة والأطباء والمحامين والتجار يخوضون معارك حربية وينتصرون فيها وهم الذينلم تكن لهم أية معرفة أو صلة بالسلاح واستعمالته.. أليست هذه عبرة لمن يعتبر؟
نظامالوصاية الذي فرضه القذافي كثقافة أدت الى احتكار مجموعة بسيطة كافة الحقائبالوزارية والاداربة، لم يعد مقبولا تحت أية حجة أو ظرف كان.
دعونا نبنيدولتنا الحديثة بعناصر يحملون ثقافة جديدة .. ثقافة الثورة .. الثورة التي رواهاالشباب بدمائهم .. هم من سيسيرون بها الى آفاق أفضل ولو ارتكبوا أخطاء في بدايةالمشوار ، لأننا واثقون أنهم سوف يبهرون العالم بتحملهم مسؤولية ادارة  الأمور في مرحلة البناء كما بهرت معاركهمالعالم وقت التحرير.
أتمنى أنلا يغرق المجلس الوطني الانتقالي وكذلك المكتب التنفيذي في بحور الطيبة بحجةالشفافية، التي أفقدتنا مجاهدا بطلا هو الشهيدعبد الفتاح يونس. وضيعت علينا فرصةالقبض على محمد القذافي..
أتمنى أنيصاحب الطيبة الحرص الشديد في اختيار العناصر ، فحتى الآن ووفق معرفتي الشخصيةبالأمور هناك علامات استفهام كبيرة حول بعض أعضاء المجلس الوطني الانتقاليالممثلين لمدينة طرابلس كما توجد علامات استفهام أكبر حول بعض أعضاء المجلس المحليلمدينة طرابلس.. كما وأن اختيار بعض العناصر وتكليفهم بملفات هامة لم تتوخ الدقةاللازمة. لا ادري ان كان ذلك بسبب عدم الاحاطة الكاملة بتلك العناصر .. أم أنالمسألة: هذا هو المتوفر أمامنا من عناصر؟. فان كان ذلك كذلك بسبب دواعي كثيرةمنها عدم تحرر العديد من المدن في الفترة السابقة. فان هذا السبب قد انتفى بعدتحرر البلاد من نظام كرس ثقافة لم تعد صالحة للمرحلة القادمة..غير أن الخشية أنيستمر تشكيل المجالس واسناد الحقائب وفق أجندات عدة قد تكون شللية أو تمهيدالحزبية .
لقد حانالوقت لاقصاء من تستوجب المرحلة اقصاءهم بأسباب موضوعية وليست مزاجية .. قبل أنتستفحل هواجس الخشية الى تراكمات لا نتمناها.
لا نتمنىأن نرى أنفسنا في مواجهة تكريس ( أخياركم في الجاهلية.. أخياركم في الاسلام)..
لا نتمنىأن يأتي اليوم الذي نتحدث فيه عن ( الحرس القديم .. والحرس الجديد). فالحرس القديملديه القدرة على التفريخ بشكل مارسه لأربعة عقود ونيف.
لا نتمنىأن يتسرب السوس في البناء الجديد..
والله منوراء القصد.

عبد الرحمنالشاطر
31-08-2011

No comments:

Post a Comment

Followers

Pageviews