عبدالدائم عمر العمامي : ماذا عـــن الإعلان الدستوري ؟

المجلس الوطني الانتقالي المؤقت حظي و منذ الأيام الأولي لثورة 17 فبراير بدعم و تأييد الليبيين ، و لعل اتفاقهم المطلق على رئيسه السيد مصطفى عبدا لجليل هو ما دعم هذا التأييد .
حرص الجميع ، أفراد وتجمعات و مؤسسات المجتمع المدني على أن يكون الهدف الأساس هو إسقاط اللانظام و القضاء على الطاغية ، ذلك ما برر مقولة " مش وقته " عند الحديث عن التحفظات على بعض الشخصيات في المجلس الوطني أو على بعض القرارات التي صدرت عنه ، و لكن ذلك لا يبرر للقوى الوطنية التي تؤمن بأن الدماء الزكية التي روت ثرى ليبيا إنما سالت من أجل القضاء على نظام فاسد كان همه الأول تغييب الشعب ، ولم تسل تلك الدماء لإيجاد وجه آخر لعملة اللانظام ، إنما سالت من أجل تحقيق طموحات و غايات نبيلة و سامية هانت في سبيلها الأرواح ، لا يبرر لها أن تتـــجاهل كــــــل الأخطاء خاصة تلك التي ترتبط بأساس الدولة و بناءها ، وهذا ما يحمل هذه القوى اليوم أن تصوب الأخطاء التي من منطلق حسن الظن نقول أنها ليست مقصودة .

هنا نحن لا نعترض على إصدار هذا الإعلان الدستوري المؤقت ، فذلك مطــــلب من مطالب ثورة 17 فبراير و حق من الحقوق التي نسعى جميعا لتحقيقه ، إنمــا الاعتراض على شكل و مضمون هذا الإعلان الدستوري .
فكأن الذين قاموا بإعداده غير مؤهلين للتصدي لهكذا مشروع يبنى علــيه مستقبل ليبيا التي ننشد ، و لا أظن أنهم قانونيين ألموا بالقانون ، و خبروا الدساتير و كيف يتم صياغتها و تبويبها ، و تفصيل ما يجب أن يفصل ، وأن تكون مواده منضبطة و مرتبة و محددة و غير قابلة للتأويل .
الإعلان الدستوري الذي أعلن في مؤتمر صحفي لعدد من أعضاء المجلس الوطني ، إلي جانب نقد القانونيين لصياغته وتبويبه و محتواه و الذي عبروا عنـــــه في بيان لهم أعلنوه في ساحة الحرية ، من أهم الملاحظات التي نسوقها حوله على سبيل المثال لا الحصر :
- أن الإعلان لم يتم عرضه على التجمعات و مؤسسات المجتمع المدني لإبداء الرأي حوله ، و حتى القلة الذين تم عرضه عليهم في ندوة أو أكثر لم يتم الأخذ بملاحظاتهم و هذا ما عبر عليه هؤلاء في تجمعين الأول بفندق الواحات يوم الأحد 14 رمضان ، و الثاني يوم الاثنين 16 رمضان بقاعة بمبنى الدعوة الإسلامية .
- يتحدث الإعلان على نقاط كالعلم و النشيد و غيرها و هذه أظن أن النص عليها يكون في الدستور الدائم للدولة .

- أعطى الإعلان صلاحية المصادقة على الاتفاقيات الدولية للمجلس الانتقالي ، و هذا حق للشعب دون سواه من خلال أعضائه المرشحين للبرلمان أو المجلس الذي سينص عليه الدستور .
- لم يحدد الإعلان عدد أعضاء المجلس الوطني الانتقالي ، ولا آلية اختيارهم ، إلى جانب أنه أعطى صلاحية للمجلس بإضافة 10 أعضاء دون ذكر مبرر ذلك .
- الإعلان ينص على أن الانتخاب داخل المجلس بأغلبية الحاضرين مع عدم النص على النصاب القانوني لحضور جلسات الانتخاب .
- ينص الإعلان على أن تنتقل الدولة من مرحلة انتقالية " المجلس الوطني " حظيت بتأييد المجتمع الدولي و احترامه ، إلى مرحلة انتقالية أخرى " المؤتـمر الوطني " – و ما قد يترتب عــلى ذلك من إشكــالات مـع المجتمع الخــارجي – دونـما إشارة إلى هذا المؤتمر في نصوصه باستثناء المادة " 30 " و التي جاءت نشازا مخالفا لبقية النصوص ، و لا نرى مبررا لهذه النقلة حيث أنه ينبغي أن يستمر المجلس الوطني إلى حين صدور الدستور الدائم و بناء الدولة وفقا لنصوصه .

- الإعلان يعطي الصلاحية للمؤتمر الوطني بأن يختار هيئة تأسيسية لصياغة مشروع دستور للبلاد، خــــلافاً للمتــعارف عليـــــــــــه في كل العــــــــالم الحر بأن يكون واضع الدستور منتخب من الشعب وليس مختاراً من أية دائرة أخرى .

إشارتنا إلــــي هذه الملاحظات تجعلنا نـــــخاطب عفوية إصدار الإعــلان الدســتوري ونخاطـــــب المجلس الوطني الانتقالي وعلى رأسه السيد المستشار مصطفى عبدا لجليل بأن مصلحة ليبيا في أن يلغى هذا الإعلان الدستوري ، وأن يتم تكليف مختصــين من ذوي الخــبرة القانونية الكافية لصياغة مشـــــروع إعلان دستوري وليس دستوراً مؤقتاً ، ويتم عرضـــه بشفافية ووضوح عـــلى الشعب من خلال تجمــــعاته ومؤسساته المــــــدنية و مجالسه المحلية لإبداء المــلاحظات حولــه على أن يتم الالتزام في نصوصه بعدم نقل الدولة من مرحلة انتقالية إلي مرحلة انتقالية أخــــرى بانتخابات لسنا في صددها الآن خاصة مع وجود السلاح في الشارع بشكل عشوائي إلي جانب النص على ضرورة أن يتم انتخاب جمعية تأسيسية من الشعب حيث أن انتخابها لن يكون فــيه إثارة للمشاكل الداخلية لـــكونها جمـــعية ليس في عضـــويتها مطمع شخصي ســـوى مصـــلحة ليبيا ، تتولــى هذه الجمعية إعداد مشروع الدستور الدائم وعرضه للاستفتاء عليه ، وكذلك إعداد مشروع قانون للانتخابات .

المجلس الوطني الانتقالي من حقــــه علينا أن نسدي إليه النصيحة فــإذا كانت الأخطاء عفوية نثق بأنه سيبادر إلي تصحيحها ، فليس العيب أن نخطــي و لكن العيب أن نستـمر فيه ، وإذا كانت مقصودة - وهذا مستبعد – فإننا نقول لهم لا تخذلوا دماء الشهداء

No comments:

Post a Comment

Followers

Pageviews