سليم الرقعي : مؤسسات لابد أن تكون محايدة ومستقلة في ليبيا الجديدة!؟


مؤسسات لابد أن تكون محايدة ومستقلةفي ليبيا الجديدة!؟
 - نحو دولة القانونوالمؤسسات الديموقراطية  -
هناكمجموعة من المؤسسات والأماكن والجهات العامة التي ينبغي أن تتمتع بالإستقلاليةوالحياد التام في أي مجتمع بحيث يتم تحريرها من هيمنة النظام السياسي وسلطة "الحكومة"من جهة ومن جهة أخرى تحريرها من هيمنة أي "طرف سياسي" في المجتمع..كمايجب تحييدها بشكل تام وكامل عن كل التجاذبات والتدافعات التي تحصل بين الأطرافالسياسية المختلفه والمتنافسه في المجتمع الوطني الديموقراطي .. وأهم هذه المؤسساتالتي ينبغي تحييدها وضمان إستقلاليتها في المجتمعات العربية المسلمة بشكل عامومجتمعنا الليبي بشكل خاص حتى تسير العملية الديموقراطية المرتقبة بشكل سليم مايلي  
:
 (1) المؤسسة القضائية (القضاء)
فالقضاةلابد أن يكونوا مستقلين ومحايدين ولا سلطان فوقهم إلا سلطان الشريعة والقانون وسلطانالضمير.. بل إنني في ظل نظام الفصل بين السلطات وهو أحد أعمدة النظام الديموقراطيالحديث أدعو إلى أن تكون السلطة القضائية هي السلطة العليا في المجتمع والدولة بحيثتعلو وتسمو على سائر السلطات الأخرى كسلطة المجلس التشريعي (البرلمان) والسلطةالتنفيذية الإدارية وسلطة القيادة السياسية والقيادة الأمنية في الدولة..فالقضاةهم ظل الله وخلفاء الله في الأرض للحكم بين عباده بالعدل لذلك فلا سلطان فوقهم سوىسلطان الله وسلطان الإيمان والضمير الأخلاقي..وحبذا لو تولى رئاسة الدولة - فينظام برلماني لا يُعطي رئيس الدولة سوى صفة رمزية – أحد كبار القضاة مادامت رئاسةالدولة مجرد منصب وطني رمزي لا سياسي.. ففي تولي "قاض" لمنصب"رئاسةالدولة" – وهو مجرد منصب رمزي بدون سلطات سياسية – إشارة لسيادة القانونوعلوه وسموه على كل مؤسسات الدولة الأخرى وإظهار لمكانة القضاء وسيادة القانونوتحقيق العدالة في دولتنا فضلا ً عن أن منصب "الرئاسة" سيكون رمزا ًللوحدة الوطنية والإستقرار السياسي ولن يكون هذا المنصب محل للتجاذبات والمنافساتالسياسية بين الأحزاب والقوى السياسية حيث يتولى هذا المنصب الرمزي القاضي الذييتم إنتخابه من خلال مجلس القضاء الوطني وهو مجلس يضم في عضويته كل القضاءالليبيين الذين يـُفترض فيهم حيادهم السياسي وعدم إنخراطهم في اللعبة السياسية بأيشكل من الأشكال!.
 (2) المؤسسة العسكرية (الجيش)
فلابد أن تكون هذه المؤسسة مؤسسة مهنية وطنيةمحترفة لا تتدخل بالشأن السياسي وتكون مهمتها فقط حماية البلد من العدوان الخارجيأو المشاركة في التنمية عند الحاجة والمساهمة في جهود الإغاثة عند الضرورة.. ولابدأن تكون تبعية هذه المؤسسة وولاءها للوطن لا لطرف سياسي أو إجتماعي في المجتمعوإلا فإنها تصبح أداة سيطرة وتحكم في رقاب الآخرين وأداة للهيمنة السياسية أوالإجتماعية!..كما هو حاصل في ليبيا ومعظم الدول العربية!.
 (3) المؤسسة الأمنية(المخابرات)
لابد أن تكون المؤسسة الأمنية (المخابرات) مؤسسةوطنية محترفة لا تتدخل في الشأن السياسي ولا في التنافس الحزبي بين الأطرافالسياسية وتكون مهمتها محصورة في حماية أمن البلد من الجواسيس أو محاولات التخريبالإرهابي التي قد تلجأ إليها بعض القوى السياسية الجذرية التي لا تؤمن بالمسارالديموقراطي لتخريب العملية الديموقراطية وخلق الفوضى العارمه في البلد لأغراضسياسية وللوصول للحكم بالقوة!.. ففي ظل نظام ديموقراطي سليم يوفر حرية التعبيروإمكانية التغيير السلمي يكون العنف السياسي صنف من أصناف الأعمال الإرهابيةوالإجرامية التي يعاقب عليها القانون.
(4)  المؤسسةالدينية (الإفتاء والأوقاف)
فالمفتي كالقاضي لابد أن يكون مستقلا ً وغير تابعلأية جهة سياسية فقد ثبت لنا بالتجربة أن تابعية القضاء والإفتاء للسلطة السياسيةضرره كبير على الأمه وعلى قضية العدالة والحريات السياسية العامة لهذا لابد أن يتمتعمن يتولون سلطة الإفتاء الديني في البلد بالإستقلالية والحيادية ولا سلطان فوقهمسوى سلطان الله وأمانة الضمير كحال القضاة..فالمفتي كالقاضي هو مُوّقع نيابة ً عنرب العالمين (!!؟؟) وهو مقام جد خطير ولذا وجب إبعاده عن هيمنة التوجهات والأغراض والتجاذباتالسياسية المتنافسة..فقد سئمنا من رجال وعلماء الدين الذين يصدرون فتاوى تأتي علىمقاس وهوى السلطة أو حتى المعارضة!.
 (5) دور العبادة الجماعية(المساجد)
قال تعالى (وأن المساجد لله فلا تدعو مع اللهأحدا) .. أرى أن المساجد العامة يجب أن تكون بعيدة عن كل التجاذبات السياسية كمايجب تحريرها بالكامل من هيمنة النظام السياسي أيضا ً بحيث تكون بيوتا ً لله بالفعليقصدها الناس للتزود بالزاد الروحي والتقوى وذكر الله وتذكر الموت وما بعد الموتوالآخره ويوم الحساب لا أن تتحول إلى منبر سياسي للدعاية للنظام أو للمعارضة أولجماعة سياسية بعينها!؟.. ويمكن للجماعات السياسية ذات المرجعية الدينية كالجماعاتالإسلامية مثلا ً أن يكون لها مراكزها ونواديها السياسية والثقافية المختلفة وقديكون هذا النادي أو المركز الإسلامي مصحوبا ً بـ(مـُصلى) لأداء الصلوات فيه عندالضرورة أما المساجد العامة والجوامع الجامعة للمسلمين والتي يرتادها عموم الناسالتي تبنيها الدولة أو أهل الخير والإحسان فيجب أن تكون مستقلة وتصبح بعيدة عنسلطان أية جهة سياسية بما فيها النظام السياسي القائم نفسه! .. ولا يجوز إستخدامهاكمنابر سياسية في الدعايات الإنتخابية لصالح طرف دون طرف فهذا مخالف للشرع بل هو أمرمشين!..هذا رأيي في هذه المسألة من خلال تأملي وتجربتي وملاحظاتي الميدانية!.. فقدسئمنا من إقحام المساجد في المعمعة واللعبة السياسية!.
(6)  المؤسساتالحقوقية الأهلية (منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق المواطنين)
كذلك الحال بالنسبة للجمعيات والمؤسسات الحقوقيةلابد أن تتصف بالحياد..ولابد أن تتصف بالإستقلالية عن النظام السياسي وكذلك عنالأحزاب المعارضة فهذا أفضل للقضايا الحقوقية..ولا يجوز إستعمال منظمة حقوقيةكذراع من أذرعة الحزب السياسي!..وإذا كان هذا الأمر مبررا ً في السابق في ظل النظمالديكتاتورية الشمولية التي تمنع تأسيس الأحزاب فليس منالمقبول إستمراره في ظل نظام ديموقراطي تعددي يسمح بالعمل السياسي الحر لجميعالأطراف..فلكي تؤدي المنظمات وظائفها بكفاءة وفاعلية لابد أن تتصف بالحياد التاموتبتعد عن الأغراض السياسية أو الإيديولوجية!.
وبعد ...
فهذه هي أهم المؤسسات التي يجب أن تتمتعبالإستقلالية والحياد ..لأن هذه الإستقلالية وهذه الحيادية أمر ضروري وأساسي لصحة عمل مثل هذه المؤسسات وحسن أداءوظائفها والمهام المتواخاة منها للمجتمع من جهة .. ومن جهة أخرى فإن العمليةالديموقراطية تتأثر بشكل كبير - في صحتها وفاعليتها وكفاءتها - كما علمنا منالملاحظة والتجربة - بمدى إستقلالية ونزاهة وحياد وفاعلية هذه المؤسسات.. ولم أذكرهنا المؤسسات الصحافية والإعلامية والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني كالجمعياتالخيرية والثقافية لأنها في النظام الديموقراطي التعددي يمكن القبول بأن تكون منحازةلبعض الأطراف السياسية بشرط أن لا تكون تابعة للدولة فمثلا لو كانت هناك مؤسسةإعلامية تابعة للدولة (قناة/إذاعة/صحيفة) يجب هي الأخرى أن تكون محايدة وتسمحلكافة القوى الوطنية بالتعبير من خلالها خصوصا ً الأطراف السياسية الضعيفة التي لاتملك قدرة على إنشاء صحيفة أو إذاعة أو قناة تلفزيونية بسبب ضعف إمكاناتها المالية..فهؤلاءأولى بإتاحة الفرصة لهم بالتعبير عن أرائهم وتوجهاتهم من خلال المؤسسة الإعلاميةالرسمية التي هي ملك للدولة..أي لدولة الشعب!.  
سليمالرقعي

No comments:

Post a Comment

Followers

Pageviews