الاهرام في حوار مع سليمان عبدالقادر بغطوس المسؤول العام لجماعة الاخوان المسلمين الليبية


سليمانعبدالقادر بغطوس زعيم الإخوان المسلمين في ليبيا لـ الأهر ام‏:‏ الدولة في الإسلام مدنية لا دينية
أجري الحوارفي بنغازي‏:‏ خـالــــد زغـلـــــول

سليمانعبدالقادر بغطوس زعيم الإخوان المسلمين في ليبيا أو المسئول العام كما يطلقون عليههو المرشد القادم من بلاد المهجر‏,‏ فقد جري اختياره لموقعه في عام‏2005‏ في أوروباوتحديدا في سويسرا‏.‏ وقد عاد الرجل إلي بنغازي بمجرد تحريرها ليعود إلي الوطن ويقودالجماعة من الداخل لأول مرة‏.‏

إلاأنه يحمل علي كاهله عبء الاجابة عن اسئلة من عينة: موقف الجماعة من مستقبل ليبيا, وماهي الرؤية المحددة الخاصة بالدولة المدنية ودعوات فصل الدين عن السياسة, والدستور الجديد,وما هي حدود التعاون أو التبعية للجماعة الأم جماعة الإخوان في مصر. هذه كانت بعض القضاياالتي حرصنا علي تلمس رؤية هذا الفصيل المهم في الساحة السياسية الليبية.. فإلي الحوار :

< ما دور جماعة الإخوان المسلمينفي الثورة الليبية؟
{ الحقيقة أن دور الإخوان لا يقتصر علي الثورةبل قبلها, فقد كان لنا رؤية سياسية تقوم علي أمرين: الأول أن التغيير لن يأتي إلا منداخل البلاد لأن النظام ارتبط بحسابات من المصالح مع كثير من الدول الغربية, والتيلا يهمها إلا استقرار البلد لتتمكن من ضمان ضخ البترول إليها, وتحقيق مصالحها الاقتصادية.فكانت قناعتنا أن الخارج لن يكون له أي دور في تغيير النظام.
والأمر الثاني أنالتغيير لابد أن يكون سلميا يعكس حضارة المجتمع, ومن هذا المنطلق تبنينا خط الاصلاحمن خلال تنشيط المجتمع ليس من قبل الإخوان فقط لأن هذا من وجهة نظرنا هو التغيير الحقيقي.لأننا كعرب سئمنا التغيير بالقوة لأننا لم نحصد منه إلا الاستبداد والفساد. ومن ثمعملنا علي وضع المجتمع الدولي أمام استحقاقات يطالب بها الشعب وهي التخلص من الحكمالدكتاتوري وحماية حقوق الانسان, وإقامة دولة القانون في ليبيا 
.
< في تلك الفترة هل كانت الجماعةتعمل بشكل سري أم علني؟
{ العمل كان سريا داخل البلاد لأن هذا النظامأجبر كافة القوي السياسية علي العمل السري, ولكنني اتحدث عن الفترة بعد عام1998 لأنالنظام سدد ضربة قوية للجماعة في هذا العام. وتمكنت الجماعة من تجميع صفوفها من جديدوأعلنت قيادتها ولم يعلن عن تلك القيادة حتي عام2005 حين تم اختياري لقيادة الجماعة,فرأيت أنا ومن معي بالمكتب التنفيذي اننا نخفي أشياء المنطق لا يقبل إخفاءها, وبالتاليقررنا الظهور كقيادة لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا بالخارج.
< قامت جماعة الإخوان المسلمونبالتعاون مع سيف القذافي حين طرح مشروعه الإصلاحي عام..2005 تري ما هو السر وراء ذلك؟
{ عندما أعلن سيف القذافي عن مشروعه الإصلاحيعام2005 رحبنا بهذا المشروع, إلا أننا طالبناه ببعض الاستحقاقات علي رأسها الدستور,وتغيير القوانين التي تحد من فاعلية المجتمع وتنتهك حقوق الانسان, وفتح المجال للعملالأهلي, وتحرير الإعلام. وهذه المطالب كانت في مداخلة أذكرها جيدا كان في حوار الدكتورعبدالمطلب الهوني, أحد مساعدي سيف الإسلام, وقلنا إننا لا نريد شعارات وانما نتطلعإلي إصلاح حقيقي. ولقد التقيت بسيف القذافي مرتين وطرحت هذه المطالب بوضوح وهي لا تخصجماعة الإخوان المسلمين إنما لليبيا بصورة عامة.
إلا أننا لاحظناأن الأمر هو استمرار للوضع القائم ولكن في ثوب جديد, وبالتالي ظهر الخلاف, وفي المقابلكان كل غاية سيف الإسلام هو رجوع الإخوان وقيادتهم للانضمام إلي تيار ليبيا الغد.
وكنا نعي أن هذانوع من الحرق السياسي, وقدموا لنا الكثير من الإغراءات المالية والسياسية. ولكن المسألةكانت بالنسبة لنا واضحة باننا نريد تغييرا حقيقيا في ليبيا. ولقد قررنا في المؤتمرالعام للجماعة في ديسمبر الماضي أن مسار الإصلاح غير جاد, وأن المسألة تتجه للتوريثبكل وضوح, فقررنا في المؤتمر تغيير أشكال النضال.
< ما هو دور الإخوان في ثورة17فبراير؟
{ بدأنا بالتحرك قبل هذه الثورة المباركةوخلالها وحتي الآن. ولكن في الحقيقة أنا لا أريد أن اتحدث عن هذا وسنتركه للتاريخ لسبببسيط لأننا نقول ان دماء الضحايا من ابناء هذا الشعب والحرائر التي اغتصبت وانتهكتحقوقهن والأطفال الذين سرقت ابتساماتهم هؤلاء أحري بأن نشير إليهم باعتزاز, أما مانقوم به فهو يستهدف رضا الله سبحانه وتعالي, ولذا لن أذكر شيئا عن جهود الإخوان المسلمين.
< ما هي رؤيتكم لمستقبل ليبيا بعدالثورة؟
{ المستقبل هو ما نعمل من أجله مع جميع الأطرافالوطنية, وأن تتحول ليبيا بعد المرحلة الانتقالية إلي دولة القانون يسودها العدل والمساواة,وتحترم فيها كرامة الانسان وهذا جزء من الرؤية التي وضعناها من قبل.
< هل ستفصل الجماعة بين العمل السياسيوالدعوي مثل الحالة المصرية؟
{ مسألة هل يكون الإخوان المسلمون حزبا أمجماعة أم جمعية؟ أمر يشغلنا ولكن مثل هذه القرارات لا يملكها المسئول العام, ومن ثمهي قيد البحث.
ولكن المؤكد أن هذهالجماعة ستواصل النضال بما يلائم المرحلة المقبلة, وبما يلائم الثقافة الليبية لأننالا نستطيع أن نستورد تجربة معلبة من الخارج!
< هل سيطبق النموذج المصري بفصلالجماعة عن العمل السياسي؟
{ مثلما سبق أن أوضحت مسألة تشكيل حزب هيقيد التفكير والدراسة, أما مسألة فصل الدعوي عن السياسي فالفكرة في حد ذاتها, هي أنمجموعة القيم المستمدة من الإسلام موجودة في الدعوة والسياسة معا بنفس الدرجة, ولايجب أن نقول: إن السياسة بها من الأساليب التي تتنزه أن يكون تحت مظلة الدين, وعليناأن نرتفع بهذه السياسة ليكون فيها من الوضوح والعمل للمصلحة الوطنية, أما إذا كان فصلالدعوي عن السياسي بمنظور أن السياسة شيء وضيع فهذا ما لا نقبل به, ولكن فصل العملالوطني عن الجماعة من منظور أن العمل الوطني يجب أن يسع الجميع هذا هو أمر يدعو للتفكيرعندنا.
< اختلفت بعض القوي حول الاعلانالدستوري فما هو موقف الجماعة؟
{ في الواقع النظري توجد رؤية بأن المجلسالوطني الانتقالي كان نتاجا لمرحلة مؤقتة جدا, ولا يعكس في حقيقته رأي الشعب الذي كانمشغولا بالمعركة. وكانت لنا وجهة نظر بانه بمجرد الانتهاء من التحرير تبدأ مرحلة تنظيمالانتخابات, بإنتخاب مجلس وطني تنعكس فيه الإرادة الشعبية هذا المجلس يقوم بتنظيم انتخابجمعية لوضع الدستور ويعين حكومة مؤقتة وعندما تنتهي الجمعية من وضع الدستور يستفتيعليه الشعب الليبي, وإذا ما أقره الشعب تحل السلطتان التشريعة والتنفيذية بمقتضي هذاالدستور, وتبدأ انتخابات رئاسة الحكومة حسبما يقرر الدستور الجديد. والواقع الآن لايسمح بذلك ولكن نطالب المجلس الانتقالي بتحديد فترة انتقالية يحقق فيها ما سبق ان ذكرناهوهي مطالب يتفق عليها الشعب الليبي.
< لو أقر الدستور الجديد الدولةالمدنية ما هو موقف الإخوان المسلمين لحظتها؟
{ دعني ابدأ بالعكس أولا أن الإسلام الدولةفيه مدنية وليس دينية, والمسألة تحتاج إلي نقاش ولا يوجد في الإسلام دولة دينية. ولكنيوجد دولة تستند إلي قيم الاسلام. انا عشت في أوروبا ستة عشر عاما واعرف الديمقراطياتالموجودة, الديمقراطية في أوروبا لها جوهر ولكن حين تأتي في الثقافات تجدها تختلف مندولة إلي أخري وأيضا تختلف في الآليات فالملكية بها ديمقراطية والجمهورية أيضا, ففرنساتنص علي العلمانية بشكل واضع بينما ألمانيا وبريطانيا ويسويسرا مثلا لا تنص علي هذابل الدين المسيحي واضح المعالم في هذه الديمقراطيات ولكي الجوهر الأساسي هو الشعب مصدرالسلطات وأن المصلحة الوطنية هي العليا ويجب التعامل معها بشفافية وان كرامة الانسانلابد أن تحترم.
فالقضية اننا نريالدولة التي سيأتي بها الدستور دولة مدنية ولكنها تستند إلي هوية هذا المجتمع وهي إسلامية.
وإذا قرر الشعب أنيحكم بدستور يفصل الدين عن الدولة فسنواصل النضال السلمي لتبيان هذا الأمر ووجهة النظر,ولكننا سنلتزم بما يقره الشعب في صناديق الاقتراع وهذا مبدأ واضح بالنسبة لنا.
< هناك تخوف عام من انتشار السلاحداخل ليبيا نتيجة لظروف معركة التحرير. وأيضا يوجد تخوف خاص من وجود السلاح مع بعضالجماعات الجهادية الإسلامية ورفضها ترك السلاح. فما هو موقف الإخوان المسلمين من هذهالقضية؟
{ حين نتخوف من ظاهرة معينة يجب أن نتحليبالانصاف نحن مجتمع ساد فيه الاستبداد اثنين واربعين عاما وسادت فيه ثقافة الاقصاءوالتهميش. فالآن المجتمع هو نتاج هذه الثقافات فلا يجب التمييز بين فئات المجتمع, لأنهفي نظري أنا شخصيا أري أن التطرف سلوك وليس فكرا, قد تحمل افكارا غريبة ولكنك لا تفرضهاعلي الغير بالقوة. فبالتالي فكرتك لنفسك إذا اقتنع بها الناس اتبعوك وإن لم يقتنعواتركوك, أما أن تحاول أن تفرض هذه الفكرة بالقوة فهذا هو التطرف. هذا السلوك أنا أريانه موجود نتيجة للظروف وما مر به المجتمع طوال الاعوام الماضية وعلينا أن نتعامل معهبمسئولية.
حين قامت هذه الثورةشاركت فيها كل فئات المجتمع لأن هذا المجتمع كان يحمل في طياته عنفوان الثورة عامابعد عام حتي خرجت في السابع عشر من فبراير بهذا الشكل. فيجب أن نوظف هذه الكفاءات والجهودلا أن أشير بأصبع الاتهام إلي فئة معينة قدمت دماءها للثورة, شخص يقود العمليات فيطرابلس ويوصف علي التلفاز بأنه متطرف وابن للقاعدة هل هذه مسئولية نتعامل بها؟ أعتقدإننا نحتاج في هذه المرحلة للتعامل من أجل مصلحة الوطن وتغييب الفردية والحزبية عنالحسابات.
< مازلت لم تجبني عن موقف الجماعةمن قضية السلاح؟
{ دعنا نعكس السؤال ما الذي يدفع الانسانأن يتمسك بسلاحه؟ فحين تنتصر الثورة ويتم التحرير الكامل ما هو مبرر حمل السلاح؟
< هل معني ذلك أن كل الليبيين ملائكةفحين يتم التحرير الكامل يذهبوا طواعية لتسليم سلاحهم؟
{ أنا لا أقول هذا علي الاطلاق بل أعني انناقد نصنع البيئة التي تجعل الانسان يتمسك بالسلاح, أنا أعتقد أن المجلس والوطني والحكومةيجب أن تعطي وقت اكبر للداخل لكي يشعر المواطن انه آمن ستكون قضية السلاح ثانوية فالمطلوبالآن تفعيل أجهزة لاستتباب الأمن في المدن. وبعد ذلك سيبقي بعض الشواذ وهؤلاء ستقولالثورة فيهم كلمتها.
ولكن قناعاتنا التامةانه لابد لفوضي السلاح أن تنظم وان يسحب السلاح ويوضع في ايد مسئولة, ولتحقيق ذلك يجبأن تكون هناك آليات للتنفيذ, فنحن ضد انتشار وفوضي السلاح كمبدأ ولكن كيفية التعاملمع ذلك هو ما يحتاج إلي نقاش مجتمعي.
< ما هي طبيعة العلاقة بين جماعةالإخوان المسلمين في ليبيا ومصر؟ وهل هناك تنسيق ما؟
{ الفكرة كالسحابة تخرج من بلد وينزل غيثهاعلي بلد آخر وربما يكون منشؤها في ليبيا نحن نقول في فكر الإخوان المسلمين استقي الكثيرمن الحركة السنوسية ونحن نقول هذا بلا غضاضة. ولكن مصر هي التي خرجت بالفكرة إلي الواقعالعملي.
التنسيق بين الإخوانالمسلمين موجود ونحن نراه عامل قوة, نحن لدينا علاقات ليس في مصر فقط بل في كل العالممع كل الإخوان وايضا الوطنيين الذين يقتربون معنا في الأهداف المشتركة. فالتنسيق بينناموجود بالكامل. ولكن الذي أقوله وانا واثق ومطمئن إننا مستقلون استقلالا تاما نحن ننظرإلي ليبيا ونختار ما يناسبها باستقلال كامل.

http://www.ahram.org.eg/Journalist-reporters/News/99847.aspx

No comments:

Post a Comment

Followers

Pageviews