الثورة الليبية ... تأثرت بتونس ومصر فهل تؤثر في الجزائر والسودان؟


 خدمة المرصد الليبي للاعلام
المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية
تتناول هذه الدراسة للكاتبين بروك فانتيلمان وأولاف دي غروت تأثر الثورة الليبية بالثورات التي جدت في البلدان العربية وخاصةمنها تونس ومصر وما يمكن أن يحمله نجاح الثورة الليبية في الإطاحة بنظام معمر القذافيمن انعكاسات على دول الجوار الليبي على غرار الجزائر والسودان.
وقام الكاتبان بتقديم نموذج يقدم مؤشراتعلى مدى قدرة الشعوب الثائرة على النجاح في عملية التحول الديمقراطي، كما يقدمان قراءةلإمكانية حدوث تحول ديمقراطي في كل من الجزائر والسودان في ظل نجاح ثورة 17 فبرايرفي الإطاحة بالقذافي.



وفي الجزء الثاني من الدراسة يقدم تيلمانودي غروت تقديرات لتكلفة الصراع الدائر في ليبيا حاليا معتبرين أن الاقتصاد الليبيمعرض للانكماش على خلفية الحرب التي دارت في ليبيا وأن حربا مطولة ستؤدي إلى تراجعالناتج المحلي الخام الليبي خمس مرات أقل، معتبرين أن الولايات المتحدة والدول الأوروبيةستستفيد من التدخل العسكري في ليبيا وستحقق نموا اقتصاديا على المدى القصير.
وقال الكاتبان إن التطورات والثوراتالجارية حاليا في العالم العربي تشكل محور اهتمام العالم، داعيان إلى الإسراع في عمليةالانتقال الديمقراطي وإنهاء حالة عدم الاستقرار القائمة حاليا مستشهدين بالحالة القائمةفي باكستان والعراق التي تعتبر نظريا دولا ديمقراطية لكنها لم تتمكن بعد من ضمان الأمنوالاستقرار لشعوبها.
ويرى دي غروت وتيلمان أن لا أحد توقعأن تتحول الانتفاضات في العالم العربي مع نهاية العام 2010 إلى ثورات تطيح بأنظمة وحكاميحكمون منذ عشرات السنين فإسقاط حكم زين العابدين بن علي في تونس وخاصة نظام حسني مبارككان بمثابة المفاجأة.
ويضيف الكاتبان أن ثورة 17 فبراير فيليبيا تختلف بشكل كبير عما جرى في الثورتين المصرية والتونسية. فمعمر القذافي تشبثإلى آخر رمق بالحكم و قام بعمليات قمع كبيرة للثوار وحول ليبيا من دولة غنية مصدرةللنفط إلى دولة معزولة تعاني ويلات الحروب الأهلية.
وحاول الكاتبان من خلال هذه الدراسةالتحليلية الإجابة عن الأسئلة التالية:
ما هي العوامل التي ساعدت على حدوث ثورة17 فبرير؟
ما هي الكلفة المتوقعة للصراع الدائرفي ليبيا وما هو تأثيره على دول الجوار وعلى باقي دول العالم؟
ثورات الربيع العربي: ثورة 17 فبرايرتتأثر و تُؤثر
الثورة فيتونس ومصر
تعتبر هذه الدراسة أن الثورتين المصريةوالتونسية اللتين نجحتا في إسقاط الأنظمة القائمة في هذين البلدين قد تساعدان ليبيافي مرحلة الانتقال الديمقراطي لكن مع ذلك يبقى لكل بلد خصوصياته، إذ البلدان التي يكونفيها الانسجام الاجتماعي والتي عاشت لعشرات السنين على مفهوم الدولة الأمة هي التيتملك حظ أوفر لبناء مؤسسات ديمقراطية متطورة وفي المقابل فإن الدول التي حكمتها أنظمةشمولية لن تستطيع الصمود طويلا أمام المظاهرات الشعبية.
وبالتالي فإن درجة انفتاح أي بلد علىمحيطه الخارجي تحدد بشكل كبير إمكانية حدوث التحول الديمقراطي. فكوريا الشمالية مثلاستجد صعوبة في إمكانية حدوث تغيير ديمقراطي نظرا لمنع النفاذ إلى المعلومة وحالة العزلةالدولية التي تعيشها فلن تجد الحكومة الكورية الشمالية صعوبة كبرى في إطفاء أي تحركشعبي.
كما يعتبر الكاتبان أن حدوث عملية تغييرديمقراطي بإحدى الدول المجاورة التي يشترك معها بلد ما في اللغة والعرق قد يدعم فرضيةأن تنتقل عدوى الديمقراطية إلى ذلك البلد. وهذا ما ينطبق بشكل كبير على ما حدث في ليبياالتي شهد البلدان المجاوران لها ثورتين متلاحقتين ما مثل دافعا قويا وملهما كبيرا لثورة17 فبراير.
ويعتمد الكاتبان في تبني هذا الطرح علىجملة من المؤشرات التي قد ترفع من إمكانية اندلاع الثورات الديمقراطية.
ويعتبر أن ما حدث في مصر وتونس يمكناعتباره المحرك الرئيسي لما حدث في ليبيا بما نسبته 80 بالمائة، ولا يستغرب الكاتبانمن هذه "العدوى" في الانتقال الديمقراطي التي يعتبرانها شائعة ومنطقية.
ومع وجود فوارق ثقافية بسيطة وغياب حواجزمادية يمكن أن نعتبر أن ما عاشته تونس ومصر من ثورات ومن توق إلى الانتقال الديمقراطيمثل المحرك الأساسي لثورة 17 فبراير.
استفاقة متأخرة
ومن الطبيعي أن يتخوف القذافي من المدالثوري القادم من جيرانه ويعلن بعض الإصلاحات لتفادي ما حصل في البلدان المجاورة وهذاحال بعض البلدان العربية الأخرى التي سارعت إلى إجراء عديد الإصلاحات وتبدي نوعا منالليونة في التعامل مع المطالب الشعبية مثلما حدث مثلا في البحرين التي أعلنت عن جملةغير مسبوقة من الإصلاحات.
أما بالنسبة للأنظمة الملكية العربيةمثل الأردن والسعودية وعمان والإمارات والمغرب فإن إجراءات إصلاحية طفيفة تتعلق خاصةبالجانب الاجتماعي.
ويرى الكاتبان أن عملية التحول الديمقراطيهي بمثابة العدوى وهو ما يبرر تخوف واحتياطات أنظمة الدول من إمكانية تصدير ثورات الربيعالعربي إلى بلدانهم.
ويتصور دي غروت وتيلمان أنه، وبعد نجاحثورة 17 فبراير، فإن احتمالات حدوث الشيء ذاته في الجزائر مثلا قد تضاعفت كما يرفعنجاح ثوار 17 فبراير في الإطاحة بالقذافي إمكانية حدوث انتقال ديمقراطي في السودانإلى 34 بالمائة.
ويشدد الكاتبان على خصوصيات كل تحركشعبي والطريقة التي سيتعامل بها النظام مع هذا التحرك إذ لا يمكن التكهن بالطريقة التيقد يتعامل بها الرئيس السوداني عمر البشير أو الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقةمع أي تحرك شعبي محتمل.
أما في ليبيا فالصراع لم ينته بعد ولميسيطر الثوار على كل أرجاء التراب الليبي ومن المرجح أن تكون الخسائر الاقتصادية الليبيةكبيرة.
وحاولت الدراسة تقديم تقييم أولي للخسائرالاقتصادية المحتملة في ليبيا باعتماد مؤشرات وأرقام مبدئية من خلال مقارنة المؤشراتالتنموية في ليبيا ما قبل ثورة 17 فبراير، وتقديرات الناتج الليبي المحلي الخام معنهاية الصراع هناك هذا بالإضافة إلى تأثير ذلك على الاقتصاد العالمي وخاصة أسعار النفط.
خسائر كبيرة
وحسب هذه المؤشرات اعتبرت الدراسة أنما جرى في ليبيا هو صراع من الدرجة الثالثة بما أن الحرب الليبية أخذت شكلا مشابهاللحرب الأهلية وأثرت على التوازنات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية للبلدان المجاورة.وهذا ما أدى إلى تراجع حاد في الناتج المحلي الخام في ليبيا بسبب تراجع نسق الاستثماروالخسائر الحاصلة في التجهيزات والبنية التحتية.
أما بالنسبة للدول الغربية، فإن التدخلالعسكري الجوي في ليبيا سينعكس بالإيجاب على الوضع الاقتصادي في أمريكا وبريطانيا بينماتراجع الناتج الداخلي الخام في مالطا وتونس البلدان القريبان من ليبيا بما نسبته0.6 بالمائة وسيتراجع كذلك في الجزائر والسودان والنيجر.
وينتهي الكاتبان في تقريرهما هذا أنالغاية من هذه الدراسة هو تحليل الجوانب التي حفت بثورة 17 فبراير وخاصة تأثرها بالثورتينالتونسية والمصرية ومساهمة نجاح الثورة الليبية في الرفع من إمكانية حدوث ثورة مماثلةفي دول الجوار إلى ما نسبته 80 بالمائة.
أما الاستنتاج الثاني المهم هو أن الحربالتي دارت في ليبيا ستؤثر بشكل كبير في الاقتصاد الليبي الذي قد يشهد فترة من الركودعلى المدى القريب.
أما بالنسبة للدول التي شاركت في التحالفالدولي على ليبيا فإنها قد تحقق نوعا من التطور الاقتصادي عكس ما حصل في ليبيا ويعتبرالكاتبان أن (الناتو) قد تعلم من الدرس القاسي الذي تلقاه في أفغانستان بسبب الخسائرالفادحة التي تلقاها على الأرض.
المحرران: بروك فان تيلمان وأولاف دي غروت

No comments:

Post a Comment

Followers

Pageviews