محمد عبد الرحمن بالروين : شكرا للمساعدات...لا للإملاءات

بعد حمدنا وشكرنا لله عز وجلوإعتزازنا بثوارنا الأشاوش علي جبهات القتال, لايملك المرء الا أن يشكرا كل الشعوبالتى وقفت  مع شعبنا الليبي المظلوم, وأن يشكركلدول التحالف الدولي التي ناصرت قضيتنا وحمت أهلنا الابرياء من آليات القتلوالدمارالتي كان يستخدمها الشريرالقدافي وعصابته ومرتزقته. وأنا علي يقين بأن شعبناالكريم لايمكن أن ينسى أويتجاهل الدور القيادي والريادي للآمم المتحدة وإنحيازهاللحق بوقوفها مع ثورة شعبنا المجيدة وقضيتنا العادلة.
واليوم هاهو شعبنا يتحرر من حكمالطاغوت وهاهو المجتمع الدولى يقف – مرة آخري - علي مفترق الطريق: هل سيستمر  في مساعدة شعببنا لتقرير مصيره بنفسه وإختيارنوع الحكم الدي يريده؟ أم سيتركه عُرضة لصراعات ومصالح الدول الكبري وخصوصا التى ساعدتهخلال حرب التحريرمثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا؟. وهل سيُسمح لهدهالدول بإبتزازه وفرض إملاءاتها عليه؟ بمعني آخر ماهو الدور القادم للمجتمع الدوليفي تقرير مستقبل ليبيا بعد تحريرها ومساعدة شعبنا - في هذه المرحلة الإنتقالية –علي بناء دولته الدستورية الثانية؟  

وفي الوقت الدي لا نستطيع إنكار وجودضغوطات خارجية - وفي كل الاتجاهات - من كل الدول التى لها مصالح في ليبيا     وحتى من الدول التى لم تقف - للأسف - معشعبنا في محنته مثل الصين وروسيا وفنزوالا والهند والجزائر, الا انه يجب علي مجلسناالوطني الانتقالي وأعضاء لجنته التنفيدية التأكيد - في هذه المرحلة الحرجة لكل منيريد أن يُساعد شعبنا ويتعامل مع دولتنا الجديدة باننا لن نسمح لأي دولة بالتدخلفي شؤوننا الداخلية مهما كانت هذه الدولة (عربية أوإسلامية أوغيرها), ومهما قدمتلنا من مساعدات (مباشرة اوغير مباشرة). وليعلم الجميع ان ما يهم شعبنا وما ضحى مناجله شبابنا ونساءنا ورجالنا الأشاوس هو - أولا وقبل كل شىء - تحقيق مصالحناالوطنية العليا التى لعل من أهمها: الاستقلال والسيادة والوحدة والاستقرار والعدالة.
ومن هدا المنطلق لابد علي مجلسناالانتقالي المؤقر ولجنته التنفيدية التاكيد للمجتمع الدولي وخصوصا دول التحالفالتى        وقفت مشكورةمع شعبنا في محنته بأن مهمتهم قد انتهت. هذه المهمة التى عرفها وحددها قرارالاممالمتحدة رقم 1973 والتي تضمنت ثلاث اهداف رئيسية هى: فرضمنطقة حظر جوى وحظر الاسلحة علي حكم القدافي واتخاذ جميع التدابير والإجراءاتاللازمة للمساعدة في حماية المدنيين الأبرياء من هجمات قوات القذافى. وفي الوقت الدي يشكرفيه شعبنا ويقدرمناصرة هده الدول له الا انه لن يسمح باستخدم هده القرار كدريعه للتدخل في المرحلةالإنتقالية ولا بالسماح لبعض الدول بتحقيق مصالحها الخاصة بها علي حساب مصالحالوطن. وعليه فإن شعبنا سيرفض كل التدخلات والإملاءات الخارجية مهما كانت ومن أيمكان أتت. ولعل من أهم ما يجب التأكيدعليه هنا وتدكير مجلسنا الوطني الانتقالي ولجنتهالتنفيدية       به هو الآتي:
أولا: رفضالتصريحات الغير مسؤولة للمسؤولين الدوليين وخصوصا المتعلقة بشؤوندولتنا الداخلية. إد ليس من حق الامم المتحدة ان تقرر لشعبنا كيف يجب ان تدارالمرحلة الإنتقالية في ليبيا. فعلي سبيل المثال كان لابد من مطالبة السيد بانمارتن موفد الامم المتحدة بعدم التدخل في كيف سيُديِر شعبنا مرحلته الانتقالية.فقد صرح السيد يان مارتن ان مهلة الاشهر الثمانية – التى حددها المجلس الإنتقالي -لن تبدا الاعندما تعلن السلطات الجديدة السيطرة الكاملة علي البلاد, بالرغم من أنالسيد محمود جبريل رئيس اللجنة التنفيدية قد أعلن من الدوحة عاصمة قطر قبلها بيوم– أي يوم 23 أغسطس 2011 -  بأن "المرحلةالانتقالية تبدأ فورا لبناء ليبيا الجديدة بعد سيطرة الثوار علي المقر العام لمعمرالقدافي في طرابس."         فمن –ياثرى - الذي دفع بالسيد جبريل لتغيير قراره الذي أعلنه؟
ثانيا: رفض إملاءات دول التحالف التى ناصرتنا. لعل من أهم هده الإيحاءت والاملاءلت ما أعلنه بعض أعضاءمجلس الشيوخ الامريكي الذين زاروا عاصمتنا طرابلس بعد تحريرها. فما إن تحررتعاصمتنا طرابلس حتى قام وفد من أربعة اعضاء    من مجلس الشيوخ الجمهوريين برئاسة السيناتورجون ماكين (من ولاية أريزونا) بزيارتها والقيام بإرسال مجموعة من الرسائل الدبلوماسيةلمجلسنا الوطني الانتقالي ولجنته التنفيدية لعل من أهمها (أ)ما أدلي به السناتور ماركو روبيو (من ولاية فلوريدا) بأنه "... يتمنى ان يرى حكومةموالية للولايات المتحدة تترسخ في شمال أفريقيا... وإن هناك بعض القلق حول الدورالذي يمكن أن يضطلع به الاسلاميون.. ثم قال بأنه افضل شيء يمكننا القيام به هو تقديم المساعدة إلى الأشخاص الذين يحاولون تشكيلحكومة في ليبيا..." كلام عجيب ورسائل واضحة ولكن الأعجب من كل ذلك إن مجلسناالانتقالي المؤقر ولجنته التنفيدية لم يدلي بأي تصريح في هدا الشأن وكأن الامرلايعنيهم. ليس هدا فحسب بل إن رئيس  الوفد السيناتور جون ماكين قد أعلن في المؤتمر الصحفي نفسهإن الوفد قد أثار مع أعضاء المجلس الانتقالي "موضوع     ملاحقة مرتكبي قضية تفجير طائرة بان اميركانرحلة رقم 103 فوق لوكربي، اسكتلندا، والتى كان ضحيتها270  شخصا ، معظمهم من الأميركيين. وقال السيناتورجون ماكين بأن الحكومة مستعدة للتعاون في هذا الشأن. والغريب في الامر ان هذهالقضية قد توصل فيها القدافي وزبانيته الي حل نهائي مع ضحايا هذه الطائرة عام 2003ونتج عن هذا الحل إن قام القدافي بدفع مبلغ 10 مليون دولار أمريكي تعويض عن كلشخص. ليس هذا فحسب بل ان السيد ماكين نفسه قد إعتبر هذه القضية مُنتهية وقام بوصفالقدافي علي انه أحد أقرب أصدقاء أمريكا وحلفاءها في الحرب علي الإرهاب. وفي عام2009 قام السيد ماكينبزيارة طرابلس كجزء من وفد آخر من الكونغرس. ووفقا لبرقية دبلوماسية سرية نشرتهاويكيليكس، بان هدا الوفد (برئسة ماكين) قد إجتمع مع القذافي وإبنه المعتصم وناقشوافي هذا الاجتماع جهود مكافحة الإرهاب الإسلامي في ليبيا وتعاونهم في تفكيك برنامجليبيا النووي. وان السيد ماكين قد وصف العلاقات العسكرية الثنائية في هدا الزيارة بأنهاقوية وتعهد بالمطالبة برفع الحصار علي ليبيا وبزيادة تسليح القدافي وتقويته كحليفإستراتيجي في المنطقة -- فما الدي تغير اليوم؟ ولماذا تذكر السيناتور ماكين ضحايالوكربي الآن؟ وهل فعلا تعهد مجلسنا الوطني بالتعاون معه في هذا الشأن؟
ثالثا: رفض المرتزقة الدوليين وعدمالسماح لهم بالعمل في ليبيا: ما أقصده بالمرتزقة الدوليين هنا هم الشركات الامنية الدولية الساعيه لكسبالربح بكل الوسائل عن طريق توفير ما يُعرف بالحماية في ميادين الحرب والمناطق التىتسودها الفوصة. وقد إنتشرت هده الشركات في السنوات الاخيرة وخصوصا في هاييتىوكوسفو وإفغانستان والعراق. وهاهم ممثلوا هده الشركات يقيمون هذه الايام بفنادق فيطرابلس يحاولوا ان يعقدوا صفقات مع كل من سيطلب خدماتهم من شركات النفط والسفاراتوبعثات المساعدات الانسانية ومشاريع الإعمار وغيرها. والجميل ان ماهو مفقود في الوضع الليبي اليوم هو غيب ظاهرة العنف تجاه الأجانب كماكان سائدا في الدول الآخري. ان عمل هده الشركات يتوقف علي وجود بيئة عالية التهديد تسودها فوضي وإرهاب كما كان الحال في هايتتى والعراق وأفغانستان. وعليه لعله من المهم في هذا الشان أن نُذكر مجلسنا الوطنيالانتقالي ولجنته التنفيدية وأدعوهم الي ان يكون لهم مواقف علانية وواضحه تجاههؤلاء المرتزقة وان يقوموا بطرد ممثلي هده الشركات قبل ان تسعي – لا سامح الله – لزرعالفتنة ومن تم تحقيق مآربها وأهدافها وذلك بإصطناع مناخ من الفوضي ونشر الخوف بين المواطنينوالاجانب والإيحاء لهم وللمجتمع الدولي بأن الوضع في ليبيا   غير مستقر. وعلي مجلسنا الوطني أن يصدر في هذاالشان قرار واضح ينص فيه علي منع التعامل مع هذه الشركات         اومساعدتها, وان ينص أيضاعلي أن كل مسؤول يحاول فيهذه المرحلة إستغلال سلطته المؤقتة ويقوم بالتسهيل لهذه     الشركات بالعمل سيعتبر ذلك بمرتبة الخيانةالعظمي للوطن وسوف تنفد فيه أقصى العقوبات.
رابعا: رفض كلأنواع التمويل الخارجي للإفراد والجماعات تحت أيدريعة واعتبار ذلك تدخل في الشؤون الداخلية لدولتنا الحديتة. بمعني عليكل من من يريد (أفراد او جماعات) أن يزاول نشاطات سياسية اوإجتماعية أوثقافية الايعتمدوا في ذلك علي أي مصادر خارجية في الثمويل. وبمعني آخر لايجب ان يتم الدعم وكلالمساعدات الأجنبية الا من خلال مؤسسات الدولة الرسمية وبالاساليب العلنيةوالمشروعة دوليا ليس الا.
خامسا: رفض إستغلالالمناصب القيادية للتخويف من عدم الإستقرار. ولعل خير مثال علي ذلك – وللإسف الشديد- تصريحات الدكتور محمود جبريل علي الفضائيات وفي الصحف العربية. فمع أحتراميالشديد للسيد الدكتور محمود جبريل كشخص الا ان تصريحاته الآخيرة للشرق الاوسط يومالثلاتاء 21 ذو القعدة 1432 ه الموافق 18 اكتوبر 2011 لايمكن وصفها الاإنها مجرد تخمينات ورميا بالغيب ولا أساس لها من الصحة. بل أذهب وأقول حتى لو كانتصحيحة فلا يجب التعاطي معها بهذا الاسلوب ولامن خلال هذه. إن قيام السيد الدكتورجبريل بالتخويف بإيجاد مخطط للمخلوع القدفي للعودة إلى السلطة واستغلال الخلافات المحتدمة بين الثوار لهو أمرا غريب حقا. ولعلالأغرب من ذلك ان يصدر هذا التخمين الغير علمي والتخويف الذي لا يخدم ثورتنا بإيحال من الاحوال من رئيس المكتب التنفيذي لمجلسنا الوطني الانتقالي. والعجيب أيضا إنالسيد جبريل في هذه المقابله قد تحدتى علي خيارات القذافي وكأنه علي دراية بها!يقول السيد جبريل في هذا الشأن إن القدافي "يعمل على عدة خيارات، منها إشاعةعدم استقرار أي نظام جديد في ليبيا،أوأن يعلن دولة منفصلة في الجنوب تتم تسميتهاأي مسمى الطوارق، الجنوب، أفريقيا العظمى، دولة إسلامية." والحقيقة إن هذه التصريحاتغريبة وتدعو للعجب! ولعل الاسئلة المهمة هنا - لو سلمنا جدلا بصحة هذه المعلومات –هي: كيف توصل الدكتور جبريل الي هذه المعلومات؟ وهل أعضاء مجلسنا الإنتفالي عليدراية بها؟ وما الغرض من نشرها في هذا الوقت بالذات وفي صحافة    عربية لامحلية؟ ومن هو المستفيد من نشر مثل هذهالمعلومات؟ وهل يُعقل أن تسمح دول الجوارلمجرم مثل القدافي   مطلوب دوليا بإقامة دولة لإخواننا الطوارقالمنتشرين في أكثر من أربع دول أفريقية هي: مالي والنيجر وليبيا والجزائر؟ وان إقامة أخواننا الطوارق في وطنهم ليبيا تنحصر بدرجةرئيسية في مدن غدامس ومرزق وغات, ولا أعتقد إنه من الحكمة ان تُقام لهم دولة عليهذه المدن الثلاث؟ وإن العقلاء من أخواننا الطوارق يدركون بأنهم محتاجون لليبياوليبيا محتاجة لهم.
من كل ما تقدم وبإختصار شديد فأنا أدعومجلسنا الوطني الإنتقالي لرفض مثل هذه التصريحات والتأكيد للجميع بأن القدافيومرتزقته قد إنتهوا ولن يكون له مكان بإذن الله في ليبيا المستقبل. ولابد منالتأكيد للجميع بانه لاوجود لخلافات جوهرية بين ثوارنا الا في أذهان العجزة. وانليبيا لن تكون بإذن الله الا دولة واحدة متحدة ومستقرة.
الخاتمة     لعلهمن المناسب أن أختم هذا المقال بالتاكيد علي الآتي: 
  1. إن سيادة الوطن هي أمرلا يجب المساس به أوالتنازل علي أي جزء من أجزائه. فالشعب الليبي لم يثور علي حكم  القدافي وعصابته لكي يُسلم مصيره للآخرين مهماقدموا لنا.
2. لابد علي الدول التي ساعدتنا مشكورة أنيُدركوا بأنهم أتوا لنصرة شعبنا المظلوم وبإسم الدفاع علي حقوق الانسان وحمايةللمدنيين الابرياء. وعلي هذه الدول أن تعلم بان شعبنا الليبي علي أستعداد لتعويض كل من ساعدنا ووقف معنا وترجيعكل دولار قاموا بصرفه علي شعبنا بشرط الا يتدخلوا في شؤوننا الداخلية.
3. علي الدول الاجنبية ودول الجوار(وخصوصا النيجر وتشاد والجزائر) أن تعيء بان وحدةالتراب الليبي  رقم لا يقبلالقسمة الاعلي نفسة وان المساس به يعتبر تدخل واضح وصريح في شؤوننا الداخلية. وإنشعبنا البطل الذي واجه آليات الحرب والدمار للقدافي ومرتزقته لقادر علي الاستمرارفي مواجهة كل معتدي بإذن الله. وعلي هذه الدول التى تريد ان تزرع الفتنة بين أبناءشعبنا بتوظيف إعلامها أوفتح حدودها لبقايا مرتزقة القدافي المخلوع بأنها لا تحترمإرادة الشعوب ولا تلتزم بالأعراف والقوانين الدولية. وانا شعبنا الليبي في كل ربوعالوطن سيواصل الجهاد حتى تحرير كل شبر في ليبيا مهما كلف الثمن وطالت الطريق.
4. نعم لا مكان للتطرف في ليبياولكن لا نريد من الآخرين ان يُعرفوا لنا معني التطرف ولامعني الاعتدال ويجب والايتوقعوا    منا أن نؤسس لهم دولتنا الحديتةكما يريدون.
آخيرا قد يسأل سائل فيقول: مادا يريد شعبنا الليبي الآن من دولالتحالف ومن المجتمع الدولي؟ وفي هذا الصدد يمكن القول لعله من أفضل السبل التىيمكن للمجتمع الدولي إستخدامها لمسادتنا في تأسيس دولتنا الدستورية الثانية هو: (أ) دعوة الدول للعب دور إيجابي وبنّاء ليتمكن شعبنامن العودة السريعة للإستقرار والعمل الجاد من أجل بناء ليبيا الجديدة. (ب) دعوة المجتمع الدولي للمساهمة الجادةوالبنّاءة في إعادة إعمار البلاد. و(ج) دعوةالمجتمع الدولي لإلغاء قرارتجميد الاموال والأرصدة الليبية ومساعدة الشعب الليبيعلي ترجيع أمواله في الخارج وإعطاءه الحق ان يقرر كيف وأينومتى تصرف هذه الاموال.
أدعو الله ان نكون قد وفقت في إثراء النقاشوالمساهمة في خدمة الوطن وذلك بالتذكير ببعض القضايا الدولية التى لابد   منالإهتمام بها في هذه المرحلة الانتقالية للدولتنا المنشودة. وفي الختام لا تنسوا يا أحباب بإن هذا مجرد رايأعتقد إنه الصواب... فمن أتى برأي يختلف عنه إحترمناه... ومن أتى برأي أحسن منهقبلناه.                                            
والله المســـتعــــان.
محمد عبد الرحمن بالروين
berween@hotmail.com                                                  http://www.tamiu.edu/~mbenruwin

No comments:

Post a Comment

Followers

Pageviews