بريد المنارة : بيان هيئة علماء ليبيا بشأن الإعلان الدستوري المؤقت



فهذا بيان هيئة علماء ليبيا بشأن الإعلان الدستوري المؤقت
يحتوي هذا البيان على ملاحظات وانتقادات شرعية تتعلق ببعض الإطلاقات التي تتعارض في ظاهرها مع الشرع الحنيف ..
---------------------------

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،سيدنا محمد،وعلى آله وصحابته أجمعين،أما بعد: فإن هيئة علماء ليبيا تؤمن أنَ واجبها تقديم النصح للمسلمين،حرصًا على إشاعة الفهم الصحيح،وقيامًا بواجب البلاغ، وسعيًا لإحقاق الحق. وقد علمت الهيئة بإصدار المجلس الوطني الانتقالي إعلاناً دستورياُ مؤقتاَ،ولها على ذلك الملاحظات التالية:

- أولاً: ترى الهيئة أنَ الواجب يقتضي أن يقوم المجلس الوطني الانتقالي بمشاورة أهل العلم الشرعي قبل إصداره للإعلان الدستوري المؤقت لئلا تخرج مواده عن أحكام الشريعة أو يصادم أصلا من أوصولها وبناء عليه تطالب الهيئة المجلس الوطني الانتقالي أن يُشكل لجنةً من علماء الشريعة تُراجع التشريعات قبل صدورها،وأن يكون ضمن الهيئة التي ستقوم بصياغة الدستور النهائي(الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور) لجنة علميّة,لكيلا تخالف الموادّ الدستوريّة قاعدة من قواعد الدين الإسلاميّ,أو تصادم شيئًا من ثوابته.

ثانيُا:ذكر الإعلان الدستوريّ المؤقّت أنّ الشريعة الإسلاميّة هي(المصدر الرئيس للقانون),والهيئة ترى أنّ الشريعة في بلد لا ينكر أحدٌ من أهله الإسلام و يفتخرون جميعًا بالانتساب إليه يتوجّب أن تكون (هي المصدر الوحيد للقوانين والتشريعات).

ثالثًا:نظرًا لطبيعة العموم التي تصاغ بها الموادّ الدستوريّة,فإن الهيئة ترى أنّه لا مناص من ضبط جملة من العبارات التي وردت في الإعلان الدستوريّ المؤقّت منها ما جاء في المادة (1) من أن (الشعب هو مصدر السلطات ) فهذه العبارة يُفهم منها أنّ للشعب أن يُقرر ما شاء من الأحكام والتشريعات حتى وإن كان ذلك يتعارضُ مع أحكام الشريعة المطهّرة,فله بناءً على ذلك أن يُحرّم الحلال أو يُحلل الحرام,ويُمكننا أن نصحّح العبارة بإضافة قيدٍ؛فنقولُ:(تستمدّ السلطاتُ مشروعيّتها من الشعب فيما لا يعارض شرع الله).
رابعًا: من هذه العبارات التي تحتاج إلى ضبط و تصحيح ما جاء في المادة (1) كذلك, وهي:(وتكفل الدولة لغير المسلمين حرية القيام بشعائرهم الدينية).فهذه العبارة توهم أنه إذا كان غير المسلم يرى أنّ من شعائر دينه دعوةَ المسلمين إلى اليهودية أو النصرانية,أو أنّ شعائر دينه تُبيح له أن يُسيء لديننا,فإنّ الدولة ستكفل له هذا الحق وتدافع عنه وتُمكّنه منه. ولا ريب أنّ هذا المعنى معنى مغلوط,والصحيح أنّنا (نتركهم وما يدينون),دون أن نأذن لهم بما من شأنه أن يؤذي مشاعر المسلمين, ودفعًا لتوهّم المعنى المغلوط؛فإنّه يُمكن صياغة العبارة:(وتكفل الدولة لغير المسلمين حرية القيام بشعائرهم الدينية في حدود ما تكفله لهم شريعة الإسلام )

خامسًا: جاء في المادة (7): تصون الدولة حقوق الإنسان...إلى آخر ما جاء في تلك المادة. ونلاحظ هنا أنّه لا بدّ أن يكون تصوّر الحرّيّات العامّة وحقوق الإنسان في الدولة الليبيّة مبينًّا على التصوّر الإسلاميّ الصحيح, فلا بدّ إذاً من أن تُفهم هذه الاصطلاحات و العبارات في ضّل الخصوصيّة الدينيّة للشعب الليبيّ, حتى وإن أقرت بعض مواثيق حقوق الإنسان ما يناقص شريعتنا المطهرة, فالحكم في ذلك لله ولرسوله لا لهذه الشرائع الأرضية.فتُذكّر الهيئة أنّ التزامَ الشعبِ الليبيّ وحكومتِهِ بالمواثيق الدُّوَليّة يجب ألاّ يتعارض مع شرع الله تعالى.

سادسًا:المساواة بين المختلفين خلقاً وإمكانات ممّا يُنافي العدل الذي أمر الله تعالى به,فمن ذلك المساواة بين الرجل والمرأة,فلكلّ واحدٍ من المختلفين أحكام تناسب دوره, في حدود الاستعداد الذي جبله الله عليه, وهو العدلُ الذي أمر الله تعالى به, ولا يجوز أن تُطلب المساواة بين المختلفين.

سابعاً:جاء في المادة (14) ما نصّه:تضمن الدولة حرية الرأي...إلى آخر ما جاء في المادة دون قيدٍ شرعيًّ. والواجبُ أن تنضبط وتُقيّد بالخصوصيّة للشعب الليبيّ.

ثامنًا:في المادة (15) التي تنصّ على شروط تكوين الأحزاب السياسيّة ينبغي أن تذكر المادّة أنّ مما يضرّ بالدولة والمجتمع كلّ حزب ينشأ على قواعد تتبرأ من نسبتها إلى شرع الله تعالى,فكلّ حزب يُنادي بما يُعارض الشرع ينبغي أن يُمنع إنشاؤه. ولا ترتضي الهيئة أن تُغيّر إرادة الشعب بمنح من لم يختره من شرائحه أو فئاته مُهمّةَ تمثليه في مجلس النواب بحصّةٍ مخصوصةٍ.لأن ذلك يهدِم ُ الديمقراطيّة ويقوّضُ بُنيانها
.
تاسعاً:في المادّة (19) التي تنصّ على أنّ المجلس الوطنيّ الانتقاليّ يُمارس أعمال السيادة العليا بما في ذلك التشريع)يجب أن تُقيّد :(بما لا يعارض قواطع الشريعة الإسلاميّة
).
عاشراً:في المادّة (30) التي تنصّ على اختيار الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور ترى الهيئةُ أنهُ يتعين أن يكون لعلماء الشريعة فيها تمثلٌ مؤثر في صياغة الدستور,تجنّبًا لما حصل في الإعلان الدستوريّ المؤقّت, ودرءًا لاحتمال رفضه إن خالف الشريعة.

حادي عشر: تؤكّد هيئة علماء ليبيا على لزوم أن يكونَ بعضُ فقراتِ الدستور التي لا يتنازع الليبيّون فيها ممّا لا يقبلُ التعديل وإن عُدّل الدستور,كعبارة:(دينها الإسلام) و(الشريعة الإسلاميّة هي المصدر الوحيد للتشريع) و(اللغة الرسميّة هي اللغة العربيّة مع ضمان الحقوق اللغويّة والثقافيّة) لجميع مكونّات أبناء الوطن. وذلك لكون هذه الأمور من أساسيّات عقيدة الشعب الليبيّ

صدر عن مجلس أمناء هيئة علماء ليبيا في بنغازي 8ذو القعدة1432هــ الموافق6/10/2011م

No comments:

Post a Comment

Followers

Pageviews