ترجمة: خالد محمد جهيمة : الفصل الثامن عشر من كتاب تشريح طاغية, معمر القذافي


تَحَوُّلات
الفصل الثامن عشر من كتاب تشريح طاغية, معمرالقذافي
الكسندر نجارAlexandre Najjar
ترجمة: خالد محمد جهيمةKaled Jhima

توجه القذافي, بعد فشل مشاريعه الوحدويةالعربية, وخيبة أمله في العرب, الذين قال عنهم : إنهم "غير جديين[1]",و"لم يعودوا يصلحون لشيء, وقد أصبحوا أضحوكة العالم", نحو وحدة أفريقيا؛فقد أقنع شركاءه الأفارقة, في البداية, بقطع علاقاتهم مع إسرائيل, وحاول هدايةالمسيحيين منهم للإسلام.  فتحول إلى هذاالدين, اتباعا لنصائحه, الرؤساءُ, عيدي أمين دادة, وبوكاسا, وعمر بونجو, وماثيوكيريكو!. واتسع نفوذ القائد في أفريقيا, شيئا فشيئا, وصاغ تحالفات مع أغلبأنظمتها, بفضل دعمه أفريقيا دعما ماليا, وعسكريا كبيرا, وإقامة استثمارات مهولةفيها. 


كما أنفق بدون حساب, وأبدى كرما واسعا, بأموال لا تخضع لأي رقابة, وليستملكه ـ لأنها ترجع إلى الشعب الليبي ـ لكي يحبه الأفارقة. من العلامات على تفانيه[في هذا السياق], إرسالُه, دون أي تردد, في عام 2006, عبر الجو, حافلتي نقلتلفزيوني, وفريقا مكونا من أربعين تقنيا, أمضوا ثلاثة أسابيع في خدمة النيجر, التيطلبت منه مساعدتها على نقل منافسات الألعاب الفرانكفونية, عبر التلفزيون, نقلا مباشرا.لذا فليس من الغريب زيادة شعبية القائد في أفريقيا؛ فقد أصبح مثالا على الكرم,ورمزا للرفاهية القادمة. نقرأ في مجلة [2]Afrique Education الآتي : "يُعدالشباب الأفارقة, الذين لا يملك أغلبهم عملا, من بين أكثر المدافعين عن القذافيحماسة...لا يجب على القذافي أن يغادر. ليكن من يكون؛ فأغلب الليبيون يحبونه كما هو,والأفارقة كذلك". نسى الأفارقة الطاغية, وتعلقوا بالمحسِن.
سيُسخِّر هذا "المهووس بالوحدة",بحسب تعبير المحلل السياسي غسان سلامة[3],جهدَه؛ لتحقيق حلمه الأفريقي؛ فأسس في طرابلس, في عام 1988, اتحاد دول الساحل,والصحراء (سين ـ صاد ) ـ تمول ليبيا نسبة 80% من ميزانيته ـ الذي يضم 28 دولةأفريقية, ويهدف, إضافة إلى أشياء أخرى, إلى تأسيس وحدة اقتصادية, وضمان التنقلالحر للأفراد, وللممتلكات, ولرؤوس الأموال. كما قام, مندفعا, بإلغاء وزارة الوحدةالعربية, واستبدل بها, في عام 2000, وزارة الوحدة الإفريقية. وتم, في سرت, بتاريخ9 سبتمبر من عام 1999, بدعمه, الإعلانُ عن الاتحاد الأفريقي, النسخة الجديدةلمنظمة الوحدة الأفريقية. وضم كل الدول الأفريقية, باستثناء المغرب. وقد صرحالقذافي قائلا: "يجب بناء الولايات المتحدة الأفريقية؛ فالقارة تعاني من عدمالاستفادة من إمكانياتها, ومن ثرواتها, ومن عدم قدرتها على توظيفها في مصلحتها, فيالوقت الذي تستغلها فيه شركات أجنبية, استعمارية, وتنهبها"[4].لم تتغير الاستراتيجية؛ فقد ظل الغرب كبش فداء. نصَّب القائدَ, في عام 2008, زعماءُقبائل أفريقية "ملك ملوك أفريقية التقليديين", ثم اختير, في شهر فبرايرمن عام 2009, رئيسا للاتحاد الأفريقي, فدعا حينها إلى إنشاء جيش أفريقي موحد,وعملة أفريقية واحدة, وجواز سفر أفريقي يسمح بالتنقل الحر لكل المواطنين الأفارقةفي أفريقيا. لكن أحلامه الوحدوية لم تتحقق هنا أيضا؛ فلم يوافق, على أفكارهالطموحة, جميعُ أعضاء الاتحاد الأفريقي؛ لأن الفوارق هنا كبيرة, وبخاصة أن نفوذليبيا يقتصر على منطقة الساحل, ولا يكاد يتجاوزها, على الرغم من الملايينالمستثمرة هناك[5]. لميستطع القائد أن يعيد انتخابه مرة أخرى على رأس الاتحاد, في عام 2010.
أحس القذافي الذي كان, بين عامي 1992, و1998,هدفا لثلاث محاولات اغتيال, دبرتها المخابرات البريطانية , إم 15, والسي أي إيه,بقدوم رياح التغيير في عام 2003؛ فقد تشتت نظام صدام حسين, وهددت الولايات المتحدةالأمريكية الدولَ المارقة بالمصير نفسه. لذا فقد قرر الديكتاتور الليبي, الذي أصدروثيقة خضراء جذابة عن الحرية, وحقوق الإنسان في ليبيا, ظلت حبرا على ورق, تقديمَكل الضمانات[6]. كتبالروائي إلياس الخوري, في هذا السياق, افتتاحية صحافية ذاتَ عنوان ساخر"أحسنت يا عقيد"[7],قال فيها : "فهم العقيد الرسالة. لم يغير هدفه, بل غير الوسيلة؛ فهدفه البقاءفي السلطة, ووسيلته الجديدة تكمن في تفكيك أسلحته, بدلا من الحفاظ عليها؛ لأن  الأنظمة, باختصار, لا تحتاج إلى كثير منالأسلحة لسحق شعوبها..." لكن اللعبة لم تنته بعد؛ فدعاوى تفجيرات لوكربي, واليوتي إيه, ظلت تلقي بثقلها على المفاوضات, واضطر القائد إلى الاعتراف بذنبه, وعوَّضالضحايا, وأوقف برنامجه النووي, وتخلى عن محاولاته الحصول على أسلحة دمار شامل.كما وقع في عام 2004, معاهدة منع الانتشار النووي, وانضم إلى اتفاقية الأسلحةالكيميائية, وحاول, في موازاة ذلك, غواية, ـ أو رشوة ـ أعداء الأمس, بالتلويح لهمبعقود مربحة, سواء في مجال التسلح, أو في مجال النفط, وتعهد بمساعدة المجتمعالدولي في القضاء على الهجرة السرية التي تشغل أوروبا, وبخاصة إيطاليا[8].كأننا أمام المشهد الشهير من مسرحية شكسبير ريتشارد الثالث, حيث تسأل الملكةاليزابيت, المتشككة, الملك قائلة : " أؤمكِّن, إذن, هذا الشيطان من غوايتي؟,فيجيبها بقوله : "نعم, إن كان سيقودك هذا الشيطان إلى الخير! "
انتصب القائد, مستفيدا من أحداث الحادي عشرمن سبتمبر, عدوًا للقاعدة, وافتخر بإنجازاته المهمة في الكفاح ضد الإسلاميينالليبيين؛ فقد قضى على حزب التحرير الإسلامي, في عام 1982, واستطاع أن يَحد مننشاط جماعة أنصار الله, ذات التوجه السلفي[9].كما تمكن, في عام 1998, من كسر شوكة الجماعة الإسلامية المقاتلة, التي تدربأعضاؤها في أفغانستان, والتي حاولت, بتاريخ 31 مايو, قتله في سيدي خليفة, عندماكان مسافرا, إلى مصر, بالسيارة, فأصابتهفي مرفقه, وقتلت ثلاثة من حراسه. عاثت تلك الجماعة, التي كان يقودها, من آسياالوسطى, عمر عاشور الرفيعي, المعروف بأبي يحي الليبي, أحد أقدم, وأهم أتباع زعيمالقاعدة أسامة بن لادن,  فسادا في بنغازي,ودرنا, قبل أن تطاردها, وتقضيَ عليها, قوات القذافي, بعد معارك شرسة في الجبلالأخضر, استخدُمت فيها طائرات قادها طيارون صرب, وكوبيون ـ من أجل استبعاد أيشفقة. من جهة أخرى, كان العقيد أول من أصدر, عن طريق الإنتربول, مذكرة توقيف دوليةضد ابن لادن, بتاريخ 15 ابريل من عام 1998 , بسبب قتل مواطنين ألمانيين, في ليبيا,في عام 1994[10].
تقمص القائد دور الفزاعة هذا جيدا, بحيث لميستطع منع نفسه من التلويح, في شهر مارس من عام 2011, بالتهديد الإسلامي؛ بغية جذبتعاطف الغرب, مرة أخرى, فقد صرح لمراسلي صحيفة Le journal duDimanche  (صحيفة الأحد) قائلا : "أريد أن أفهم : إن التهديد,وعدم الاستقرار, سيقودان إلى الفوضى, وإلى ابن لادن, وإلى جماعات مسلحة. هذا ماسيحصل. سيهاجر إليكم, عبر ليبيا, آلافٌ من الناس الذين سيجتاحون أوروبا. ولن يكونهناك من يُوقفهم. سيأتي ابن لادن للاستقرار في شمال أفريقيا, ويترك الملة عمر, فيأفغانستان, وفي باكستان. ستجدون ابن لادن على أبوابكم (...) تعاني كل من مصر,وتونس, فراغا سياسيا, ويستطيع الإسلاميون الدخول عَبرهما. سيكون هناك جهاديونإسلاميون قبالة سواحلكم على المتوسط, وسيهاجمون الأسطول السادس الأمريكي, وستحصلحوادث قرصنة هنا, على أبوابكم, وعلى بعد 50 كلم من حدودكم. ستفرض جماعة ابن لادنفديات, بحرا, وبرا, وسنرجع إلى عصر بارباروسة, والقراصنةِ العثمانيين الذين كانوايفرضون الفدية على السفن. ستكون هناك أزمة عالمية, وكارثة تطال الجميع. ستطال هذهالمصيبة باكستان, وأفغانستان, وستصل إلى شمال أفريقيا. لن أترك ذلك يحدث ! أعرف,بفضل مخابراتنا, أن أناسا من القاعدة قد اتصلوا بداكو أميروف, قائد الجهاد فيروسيا. نحن نعلم بوجود هذه الاتصالات, وبأن هناك مفاوضات بينهم, ليأتوا لمساعدتهمهنا, في ليبيا, ثم يذهب هؤلاء لمساعدتهم هناك"[11].
أما فيما يتعلق بالداخل, فقد فرضت مؤسسةالقذافي, التي يديرها سيف الإسلام, منذ عام 1999, نفسها واجهة عرض للدبلوماسيةالليبية الجديدة, وعرضت خدماتها؛ لحل الأزمات. لقد آتت جهود الديكتاتور أكلها.  ليست القوى الغربية بالغبية؛ فهي تعلم أنالقذفي لم يتغير, وأنه غير جلده لينقذ نفسه. لكن النفط الليبي ثمين, بحيث يصعبالتضحية به على مذبح الأخلاق؛ لذا قبل قادتها مصافحة يد القذافي القذرة الممدودةلهم؛ ورُفعت العقوبات التي كانت مفروضة على نظامه. كما سُحبت ليبيا, في عام 2006,من القائمة الأمريكية للدول الداعمة للإرهاب, وعَينت كل منهما سفيرا لدى الأخرى,وحصلت مجموعة من الشركات الأمريكية على عقود نفطية في ليبيا, وسُمح للشركاتالأمريكية الكبرى بالتنقيب عن النفط في ثاني دولة منتجة له في أفريقيا. ومما يدلعلى أن حقوق الإنسان لم يحسب لها حساب, عدمُ انتظار الولايات المتحدة تسويةَ مَلف"الممرضات البلغاريات", لتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع ليبيا. صرحتكونداليزا رايس, بسذاجة, عند زيارتها ليبيا, بتاريخ 5 سبتمبر 2008, بأن"ليبيا تعد نموذجا مهما, في الوقت الذي تطالب فيه دول العالم إيران, وكورياالشمالية بإحداث تغييرات, قد تكون مهمة للسلام, والأمن الدوليين (...) نطلب منالقادة الإيرانيين, والكوريين أن يتخذوا, بسرعة, قرارات استراتيجية مماثلة, يمكنأن تعود بالنفع على الشعوب".
بدأت العلاقات بين الولايات المتحدة, وليبيا,تتحسن شيئا فشيئا؛ فتحولت الجماهيرية من دولة منبوذة إلى شريكة اقتصادية مميزة.وتم, في نهاية شهر يناير من عام 2006. منحُ إحدى عشر رخصة, من مجموع خمس عشر رخصةللتنقيب على النفط (على مساحة 127000 كيلو متر مربع), لشركات أمريكية. كما ارتفعتقيمة صادرات الولايات المتحدة إلى ليبيا لتصل إلى 435 مليون دولار, وبلغت قيمةواردتها من ليبيا, وهي منتجات نفطية أساسا, 2,5 مليار دولار. كما سافرت, في عام2007, لجنة من غرفة التجارة العربية الأمريكية الوطنية, إلى الجماهيرية, وصرحرئيسها, ديفيد هامود, قائلا : " ستَرصد ليبيا, في الأشهر المقبلة, مليارات منالدولارات, للتنمية, ولمشاريع في البنية التحتية, وتريد غرفتنا أن تضمن حصولالشركات الأمريكية, وبخاصة الصغيرة منها, والمتوسطة, على جزء منها". ثم يضيف: " تريد الغرفة أن يفضل الليبيون التعامل مع شركاء أمريكيين, وستضع رحلتنا إلىليبيا الأسس لذلك". بل وافقت إدارة بوش على مساعدة الجماهيرية على بناء مفاعلنووي؛ لإنتاج الكهرباء. وأعلن باتريك أوليي, رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمانالفرنسي, عن توقيع عقد في المجال النووي المدني بن أريفا, وليبيا, وأعلنت حكومةطرابلس, في بداية شهر يناير من عام 2007, عن طريق وكالة الصحافة الليبية الرسميةجانا’ أن أريفا "وقعت مذكرة تفاهم مع ليبيا؛ للتنقيب عن اليورانيوم  في أراضيها. تتعاون أريفا, بحسب مصطلحاتها, معالمجلس الوطني للبحث, والتنمية, في البحث عن اليورانيوم, واكتشافه, "من أجلغايات سلمية". ووقع وزير الصناعة الفرنسي, كريستيان إستروزي, في شهر أكتوبرمن عام 2010, في طرابلس, التي سافر إليها على متن طائرة إيرباص 320 أجَّرتهاليبيا, وثيقةً تَنص على "تعاون استراتيجي" بين فرنسا, والجماهيرية,وبخاصة في المجال النووي السلمي. كما تم توقيع اتفاقات شبيهة, مع روسيا,وأوكرانيا, وكندا...
التقى القذافي, في عام 2009,"أخاه" الرئيس أوباما, خلال اجتماع الدول الصناعية الثماني, واستَقبل فيطرابلس جدة الرئيس الأمريكي الكينية, التي جاءت إلى ليبيا؛ لتشكره على "جهودهالتي يقوم بها من أجل وحدة القارة الأفريقية".
وماذا عن أوروبا ؟  كانت العلاقات مع بلير مثالية, ومع برلسكونيممتازة. لقد اعتبرت إيطاليا ليبيا, دائما, كما لو كانت "محمية صيد" لها؛فقد زودت, بحسب القاضي روزاريو بريور[12],في عام 1969, القذافي بدبابات من أجل إقامة عرض عسكري,, وبخبراء خلال حرب تشاد,مما أثار استياء فرنسا, وقام, كما تقدم, رئيس الحكومة الإيطالية السابق, بيتينوكراكسي, ببعث رسول إلى ليبيا؛ ليحذر القذافي, من مخطط يعده الأمريكيون لقتله, بقصفمكان سكنه في طرابلس. كما سمح القائد, في شهر أكتوبر من عام 2005, لعشرة آلافإيطالي طردهم في عام 1970, بزيارة بلاده, وأعلن تاريخ 7 أكتوبر, يوما للصداقة بينالشعبين. لكنه أعاد, في اندفاع, يوم الثأر, وطالب بتعويض ليبيا عن فترة الاستعمارالإيطالي, بإنشاء طريق سريع عالي التكلفة, بأربعة مسارات, يصل إلى مصر. وألح علىذلك, على إثر الحريق المبرمج الذي تعرضت له القنصلية الإيطالية في بنغازي, بقوله:"لا أستبعد انفجار غضب آخر ضد أملاك, وحياة المواطنين الإيطاليين, إن تأخرتالتعويضات التي وُعدت بها ليبيا عن مرحلة الاستعمار, في الوصول". سافر القائدإلى إيطاليا, بعد رحلة أولى إليها في عام 2008, في عام 2009, واضعا صورة عمرالمختار, الذي شنقته إيطاليا في عام 1930, على صدره. لماذا هذه الاستفزاز ؟ صرحالقذافي, على قناة يورونيوز, قائلا : "إننا نحمل صورة عمر المختار, الذيقتلته إيطاليا بطريقة فظيعة, عندما كا يقاتل احتلالا أجنبيا بربريا, على غرارالمسيحيين الذين يحملون الصليب تذكرا للمسيح, الذي مات في ظروف فظيعة ! ".مقارنة غريبة ! لقد أثارت زيارته, على الرغم من ذلك, غضب ماريو بورجيزيو, أحدأعضاء حزب رابطة الشمال الشعوبي, والذي حذر من العقيد, ومن "فلسفة التاجرالدنيء التي يتبعها", في إشارة إلى العقود الكبيرة التي يحملها معه في زيارتهلإيطاليا, وكتب محرر صحيفة الستامبا أن " المصلحة الوطنية لا تبرر, ولاتتطلب, بالتأكيد, من أي شخص استقبال مهرِّجين خرقاء". ونصَب الحزب المعارض,إيطاليا القيم, احتجاجا, "خيمة المساواة" أمام السفارة الليبية, مؤكدارغبته في منح القذافي درجة الدكتوراه الفخرية, لغياب الحرية, ولانتهاكات حقوقالإنسان في بلده. لكن رئيس الوزراء الإيطالي, الذي صورته كمرة, متطفلة, وهو يقبليد الطاغية الليبي, لا ينظر إلى تلك الزيارة بالعين ذاتها؛ فقد ازدهرت العلاقاتالإيطالية الليبية, منذ توقيع اتفاق, في عام 2008, قَبل برلسكوني, بموجبه, بدفعبلاده 5 مليارات دولار لطرابلس, تعويضا لليبيا عن الأضرار التي ألحقها الاستعماربها بين عامي 1911, و1943, وأصبحت إيطاليا الشريكة التجارية الأولى لليبيا, التيتشتري منها ربع إنتاجها من النفط, وثلث إنتاجها من الغاز الطبيعي. كما تعدالجماهيرية مستثمرا ذا ثقل في الاقتصاد الإيطالي؛ فزادت حصتَها في البنك الإيطاليإيني كريدي, أكبر مصرف إيطالي, والذي تملك 7,5 % من رأس ماله. وتوقعت الشركةالنفطية إيني, التي تعد ليبيا أحد المساهمين فيها, استثمار 25 مليار دولار فيليبيا.
أعادت ألمانيا, أيضا, علاقاتها معالجماهيرية؛ فزار المستشار الألماني جيرار شرودر طرابلس, بتاريخ 15 أكتوبر من عام2004, زيارة سمحت لشركات ألمانية بتوقيع عقود ضخمة [13].ثم جاء دور العقيد, ليزور, بتاريخ 27 أبريل, مقر الاتحاد الأوروبي, حيث استُقبلاستقبال رؤساء الدول.
وماذا عن فرنسا؟  زار جاك شيراك ليبيا, بمجرد حل قضية تفجير طائرةاليو تي إيه, في شهر نوفمبر من عام [14]2004.كما فَتحت تسوية قضية الممرضات البلغاريات, التي سمَّمت من جديد العلاقة بينالبلدين, صفحة جديدة في تلك العلاقة. على الرغم من أن الديكتاتور الليبي قد تصرففي هذه القضية, كالقراصنة الذين كان يستمع إلى قصصهم قديما, وعلى الرغم من أنهمارس ابتزازا بغيضا؛ ليحصل على "تعويضات" إضافية (طريقٍ سريع يربط تونسبمصر, خط سكة حديدي يتجه إلى الجنوب, محطة قطارات جديدة في طرابلس, شراكة متميزةمع الاتحاد الأوروبي, دعمٍ  للتنمية,مساعدات للبحث عن الآثار...), فإن فرنسا غفرت ذلك كله, وصرح نيكولا ساركوزي, غداةوصول الممرضات البلغاريات, إلى صوفيا, رفقة زوجه سيسيليا, بأن هذه النهاية السعيدةيجب أن تسمح بإعادة العلاقة الرسمية, والطبيعية مع ليبيا, وبأنه لم يعد يرى مايمنع من زيارتها رسميا, للتفاوض حول اتفاقيات. وقد أجاب, مباشرة, دعوة القذافي,الذي استقبله بحفاوة كبيرة.
ثم جاء دور العقيد, ليستقبله ساركوزي فيالإيليزيه, في شهر ديسمبر من عام [15]2007.وبذا كانت فرنسا أول دولة غربية تمنحه شرف استقبال رسمي. وقد بالغ الديكتاتور, فيهذه الزيارة ذات البعد الرمزي الكبير, فأحضر معه مائة سيارة ليموزين, وجمعا مكونامن 400 شخص[16]...واستقبلزائريه في خيمته التي كانت يَحرسها حراسه الشخصيون, الذين كان من بينهم نساء بلباسعسكري مبرقع, والتي كانت منصوبة في فناء فندق مارينيي, حيث فرشت البسط الحمراء,والتقى رئيس البرلمان الفرنسي برنار أكويي, بالقذافي الذي استقبله الحرس الجمهوري,مدة عشرين دقيقة تقريبا, في الوقت الذي عبر فيه أعضاء البرلمان عن اختلافهم معه؛فأدان الاشتراكي بيير موسكوفيتشي, الذي كان يرأس لجنة تحقيق عن الممرضاتالبلغاريات, استقبال "ديكتاتور" في "معبد الديمقراطية", وتحدثنويل مامير (الخضر), عن "حفلة تنكرية", وعن "استفزاز". كماانقسم نواب الحزب الحاكم؛ فبين عدد من أتباع دوفيلبان منهم بأنهم ليسوا"مجبرين على تحية إرهابي سيئ السمعة", واعتقد جان بيير جران, وجاكلوجوين أنه "يجب أن نعرف كيف نكون عمليين". صرح برنار أكويي, بعد مغادرةضيفه اللامع, بأن اللقاء قد تم في "مناخ حواري", وبأنه "إن لمنتحدث مع من يبذلون جهودا للعودة إلى المجتمع الدولي (...), فإننا نحكم عليهمبالرجوع إلى التهميش". وقد هاجم النواب الاشتراكيون, الذين عبروا عناستنكارهم, بمغادرة مقر البرلمان, في بداية جلسة خصصت للنقاش حول أوروبا, بعدمنتصف النهار, برنار كوشنير, الذي اتهموه "بالنفاق", وصرح جان مارك أيرو(من الحزب الاشتراكي), بأنه "لا يجب بسط الزرابي الحمراء لديكتاتور".أما وزير الخارجية, فقد رد بأن الأمر يتعلق هنا "بدبلوماسية المصالحة".
رحب رولان دوما, في صالونات فندق ريتز التيكان يدور فيها "لقاء ثقافي بحضور القائد (بحسب بطاقة الدعوة ذات اللونالأخضر), وعدد من الشخصيات الفرنسية, بالقذافي وأعلن له قائلا : "لا يوجد هناسوى أصدقائك". كان من بين الحاضرين, الأستاذ إدمون جوف, وجان بوتوريل, ووزيرالخارجية السابق, إيرفي دي شاريت, والمنتج طارق بن عمار, ومدير معهد العالم العربي,دومينيك بوديس, والكاتب دوني تيليناك, القريب من جاك شيراك, وعدد من المثقفينالعرب. أما فيليب سولير, فقد رفض الدعوة. تدخل القذافي, وتحدث عن فشل اليسارالفرنسي, الذي "لم يعد يمثل, بحسبه, شيئا كبيرا", وعن توازن عالمي جديد,لا بد أن تلعب فيه أوروبا, وأفريقيا دورا كبيرا. وانتهى الاستقبال بجلسة إهداءلأعمال القائد. كما أنهى القذافي يومه بلقاء في صالونات اليونسكو مع الدبلوماسيين الأفارقة,ونهر الدول الغربية بقوله: "لابد, قبل الحديث عن حقوق الإنسان, من التحقق منمنحها المهاجرين". تظاهر في الوقت نفسه, كل من سيجولين روايال, وبيرتراندولانوي, وسياسيون آخرون قرب حائط السلام, بالقرب من برج إيفل....ثم زارالديكتاتور متحف اللوفر. كما فتحت له منطقة الصيد في غابة رامبويي؛ ليصطاد الديكالبري, مباشرة بعد زيارته قصر فرساي, التي سمحت له بالتصوير أمام نموذج لعرش لويسالرابع عشر.
من الواضح أن فرنسا تقوم بإغرائه؛ فهو أحسنزبائنها, فيما يتعلق بشراء الأسلحة؛ إذ قد وعد " بعشرة مليارات من الدولارات,قيمة مشتريات ", تتمثل في مفاعل نووي؛ لتحلية مياه البحر, وطائرات إيرباص,وطرق سريعة, و14 طائرة رافال, و35 مروحية مقاتلة من نوع تيجر, وصواريخ, ومنظومةاتصالات عسكرية, ومعدات لوجيستية, وسفن حربية, وقوارب دوريات...أما راما عياد,وكيلة وزارة الخارجية لحقوق الإنسان, والتي كانت قد صافحت القذافي خلال زيارتهاطرابلس, فقد ساءتها الزيارة, وقالت : "على العقيد القذافي أن يعرف أن بلادناليست حصيرا, يمكن لزعيم, إرهابي, أو لا, أن يأتي ليمسح عليه قدميه الملطختين بدماءجناياته. يجب على فرنسا عدم استقبال قبلة الموت هذه"[17].أسرَّ الرئيس الفرنسي, الذي أغضبته الحملة المعادية لزيارة ضيفه اللامع, إلىمستشاريه قائلا: "إن كانوا لا يفهمون شيئا في الواقعية السياسية, فذلكخطأهم", وأضاف: "على كل حال, كلما زاد احتجاجهم, زاد ازدرائي بهم, وطالتمدة قبضي على يد القذافي مسلما"[18].حاول تبرير ذلك في لشبونة, في 8 ديسمبر, بقوله : "أريد أنأعرف, السبب الذيكان من المفروض أن يمنعني من استقباله, في حين أن كثيرين ذهبوا إلى ليبيا,والممرضات البلغاريات كن في السجن, ولم يكن العقيد القذافي قد التزم بما التزم بهالآن. أما فيما يتعلق بشخصيته, وبمزاجه, فليس لي أن أقيَّمه ...".كما اجتهدباتريك أوليي, الوزير, ورئيس مجموعة الصداقة الفرنسية الليبية في البرلمان (زارليبيا ثماني مرات), في مدح "قدرات قائد الثورة, المدهشة على التحليل, واتخاذالقرار ", وأيضا "ثقافته الواسعة, وحبه التاريخ, وبخاصة الفرنسي,",و... عشقه مونتسكيو !. يجب, بحسبه, "قلب الصفحة", لأن "جهودالقذافي ضد الإرهاب, أو في المجال النووي جديرة بذلك". لكن الأغرب من ذلك, ردفعل الروائية كاليكست بيالا, التي كتبت في مقال صحفي مُلتهب[19],وذي عنوان بليغ "القذافي, رمز لأفريقيا", دافعت فيه عن الديكتاتور قائلة: "العقيد القذافي شخص محترم جدا في بلاده, وفي أفريقيا. هذا الاحترام لاعلاقة له, كما تروج الألسنة الحزينة, بدولارات النفط, الذي, يقال, إن ليبيا تطفحبه, بل بأفعاله. يُسعد مقاتلي المؤتمر الوطني الإفريقي, أن كان من بين أكابرالداعمين لهم, ويَدين له سود روديسيا القديمة, المضطهدين, بمساهمته في حصولهم علىالاستقلال. كما تتبلور حول شخصيته آلاف من آمال أفريقيا الغد, تلك التي تطمح إلىتحقيق الرفاهية, والتي تلعب, وما زالت ترغب في أن تلعب دورا بين الأمم, والتييحدوها الأمل, وعيونها موجهة نحو أفق عام 2015, في أن يتحقق إنشاء الولاياتالمتحدة الأفريقية. تلك المنظمة التي ستجعلها أكثر قوة, وأكثر وحدة, وأكثر سلميةمن ذي قبل. (...) فيه, بالطبع, بعض الخبث, كأي شخص آخر, لكن أيستحق كل هذا الفورةمن الكراهية, ومن اللعن؟ [...] أنا من المعارضين الدائمين لخطابات ساركوزيالمتعلقة بأفريقيا, لكن يعجبني أن َيستقبل العقيد القذافي, بكل الاحترام الذي يليقبمستواه. إن ذلك يسعدني, ويملأ قلبي فرحا, ويلطِّف جو العلاقات الفرنسية الأفريقيةقليلا, ويساعد بعض الشيء, على إصلاح العلاقة بين الأفارقة الفرنسيين, ورئيسهمالجديد".
يقف الإنسان مذهولا أمام هذا الكلام الذي يدلعلى سذاجة مُحزنة.
استقبلنيكولا ساركوزي, ليبرئ نفسه, سبعة ممثلين لعائلات ضحايا تفجير طائرة اليو تي إيه.يقول جيوم دنوا دي سان مارك.مرحبا: "يهدف هذا اللقاء مع رئيس الجمهورية, بالنسبة لنا, إلى إظهار أن فرنسالا تنسى ضحايا هذه المأساة". لكن هناك آخرين أقل تفهما, من بينهمكليمن مويوسان, ابن أحد الطيارين, والذي يدين هذا "الاستفزاز", ويقولإنه "غاضب لرؤيته الإرهابي الذي قتل والده, يُستقبل بهذه الأبهة".
تبدو زيارة القذافي, بمرور الأيام, غيرأخلاقية, وغيرُ مفيدة؛ إذ لم يبق منها سوى ذكرى مهرِّج مَحيط بحارساته, وهذهالصفحات التي لا تقاوم من الضحك, والتي كتبها سان سيمون العصر الحديث,  باتريك رامبو مؤرخ أحداث "حكم"نيكولا ساركوزي[20]  : "اعترف حاكمنا الكوني, منذ أن بدأ يتحكمفي مصائرنا, بأن هناك طغاة جيدون, وطغاة سيئون. الجيدون منهم, هم من يجلسون علىالنفط, وعلى الغاز, أو على اليورانيوم. أما السيئون منهم فيجلسون على أردافهم...حلت في الشتاء مصيبة بعاهلنا المرعِب....كان هناك في ذلك الوقت خليفة مُخيف, يعيشفي صحراء ليبيا, وينتمي لقبيلة القدادفة؛ وهو معروف, في كل مكان, باسم معمر الفظ. وهوضخم , وذو سحنة تميل إلى الصفرة , ووجه ذابل كمغن روك من ليفربول, وله سمت بدويملتف في عباءته المصنوعة من شعر الإبل, وكانت له موهبة خاصة, في الدسيسة, وفيالمكر....وصل معمر في أحد أيام الاثنين من شهر ديسمبر, في أسطول من السيارات,وصحبةَ ثلاثمائة متملق من أتباعه, الذين كانت من بينهم سرية من الحارسات الممتلئاتالخدود, واللابسات بزات بلون النمور, وصفَّ, أمام درج مدخل القصر, سيارتِه البيضاءالفاخرة, ذات الزجاج المضاد للرصاص...لقد وجد, بمجرد أن وطأت قدماه أرضنا, الوسيلةَ؛ليكون أكثر جذبا, وأكثر هيجانا, وأكثر بهلوانية, من عاهلنا الهائج. وأصر, بحجة احتفاظهبكل عادته البدوية أينما حل, على نصب خيمته الكبيرة, ذات اللون الفاتح, في حديقةمواجهة للقصر, بينما كان يذهب ليسكن في فندق ماريني في جناح مصمم على طريقة لويسالسادس عشر. الأدهى من ذلك, أنه قد حدث في عصر كانت تطارِد فيه فرق من الدركالخيامَ التي نشرها في المدينة من لا سكن لهم؛ لكي لا يموتوا من البرد. غَضبَ صاحبالجلالة, وسأل الفارس دي جينو, الذي كان يعلمه الحضارة, وفن الخطابة, ممن يسخرضيفهم؟.
لا يسخر من أحد, سيدي, لا منك, ولا من غيرك,على ما يبدو لي...
إنه تافه, بخيمته المنصوبة في حدائقنا !
هذا ما تقتضيه التقاليد البدوية, سيدي...
لكنه سيكون لعنة على السوق !
سيدي, فكر في المليارات التي تتمنى الحصولعليها منه, فكر في العقود
نعم. المليارات المترتبة على العقود
لا تكاد الشخصية التي يصفها, الكاتب الساخر,تختلف عن الشخصية الأصلية في السخافة؛ فالقذافي الغريب, لا يتحدى العقل فقط, بليتجاوز الخيال أيضا.



[1]  الكفاح العربي, 24 أكتوبر 1988. وقال, ضاحكا, فيقمة دمشق (2008), : "لا يجمعنا شيء سوى هذه الصالة".
[2] Afrique Education, Avril 2011, p. 29.
[3] Cité in PascalGauchon (dir.), Dictionnaire de géopolitique et géoéconomie, Paris, PUF,2011, p. 393.
[4]  خطاب ألقي في مؤتمر منظمة الوحدة النقابيةالأفريقية, الذي انعقد بطرابلس, بتاريخ 14 مايو 2008.
[5] Les Afriques, 3-9 mars 2011, p. 22.
[6] Dirk Vandewalle, « Qadhafi’sperestroïka : Economic and political Libralization in Libya », TheMiddle Journal, 45, 1992, n° 2.
[7] ملحق صحيفة الحياة الثقافي, 4 يناير 2004.
[8]  صرح وزير الخارجية الإيطالي, فرانكو فراتيني,بتاريخ 23 فبراير من عام 2011, قائلا : "نعلم ما الذي ينتظرنا بعد سقوطالنظام الليبي : موجة من 200000 إلى 300000 مهاجر, أي عشرة أضعاف العدد الذي ترتبعلى المشكلة الألبانية خلال تسعينيات القرن الماضي".
[9]  Antoine Sfeir (dir.), Dictionnairegéopolitique de l’islamisme, Bayard, 2009, p. 123-128. 
[10] «  Warum Gaddafi terrorchef Osama Bin Laden Jagte »,Die Welt, 11 avril 2011 ; Ian Hamel, L’Enigm Oussama Ben Laden, Payot,2008, p. 183 ; Ben Laden, La Vérité interdite, denoïl,« Impacts », 2001, p. 243. . اتهمت الجماعة الإسلامية المقاتلة بحادثة القتل المزدوج تلك, لكنلا يستبعد أن يكون النظام نفسه هو من قضي على الألمانيين الاثنين, المتهمينبالتجسس.
[11]  Le Journal du Dimanche,6 mars 2011.
[12] Rossario prior, (avec le journaliste Giovanni fasanella), IntrigoInternazionale, ed. Chiare Lettere, 2010.
[13] Thomas Seifert etKlaus Werner, Schuarzbuch Ôi (Le Livre noir du pétrole), Deuticke, Vienne,2005 ; Librairie orientale 2007 pour l’édition en arabe, p. 150.
[14]  التقى الوزراء, كريستيان بييري, وشارل جوسلانوودومينيك دوفيلبان, وميشيل بانييو وفيليب دوست بلازي, القائدفي ليبيا فين عامي2000, و2006. كما زار نيكولا ساركوزي, عندما كان وزير داخلية, طرابلس بتاريخ 6أكتوبر من عام 2005.
[15]  أسر الرئيس ساركوزي لطاهر بن جلون بأن"الممرضات البلغاريات, كن يعذبن, ويغتصبن كل يوم, وكان من الواجب إخراجهن منهناك؛ وكان الثمن الذي يجب أن يدفع, الدعوة إلى باريس" (Le Monde, 16 avril 2011).
[16] Le Canard enchaîné, 23 février 2011.
[17] Libération, 10décembre 2007, صرح 81% من الفرنسيين, بحسب استطلاع للرأي,بموافقتهم على كلام راما عياد عن القذافي. وبحسب آخر أعده المجلس الأعلى للراديو,والتلفزيون لحساب صحيفة لوباريزيان, وقناة إيه تيلي, فإن 52% منهم يرون أن زيارةالزعيم الليبي معمر القذافي شيء سيئ؛ لأن نطامه لا يحترم حقوق الإنسان, ولا يدينالتطرف رسميا.
[18] Le Canardenchainé, 12décembre2007.
[19] Le Figaro, 12 décembre 2007.
[20] Patrick Rambaud, Deuxièmechronique du règne de Nicolas 1er ; Grasset, 2009.

No comments:

Post a Comment

Followers

Pageviews