مصطفى الرعيض : حصاد الثورة


في حين رائحة الدم تعبق المكان، وتتصاعد الأرواح تاركة أجسامها على الأرض تنزف ذلك الدم الزكي تتسابق أجساد أخرى وكيانات لا يجاد مكان لها تحصد به نتاج الثورة.
فالزرع صابة ولا بد من مشمر، وحصاد الثورة يغري حتى المزارع الكسول ليطالب بحقه في العيش الكريم ونصيبه من الحصاد، فثوارنا أياديهم سخية وقلوبهم نقية لا يبخلون على بني وطنهم بإن يشاركوهم فرحة النصر وطيب الثمر.

السياسة أسرع من الحرب ومن أبطأ به حزبه لم يسرع به دمه المبذول في ساحات القتال، فهكذا هي السياسة منذ القدم بقدر ما هي مطلب ووسيلة بقدر ما هي قاسية وواقعية تعلوا على الجراح، ووتتعامل مع الحدث.
وإنه لمشهد جليل ورهيب يوم دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أظلمت المدينة ذلك اليوم، ومع هذا سارع القوم بتنصيب خليفة يدير شؤون الحكم والدولة، وتربة ذلك القبر رطبة ندية والحزن يملاء تلك القلوب على فراق خير البرية.
وها نحن الحزن يلفنا ولم يعلن عن التحرير بعد، ورجال باعوا أنفسهم، وتركوا أسرهم وعائلاتهم ليحرروا لنا هذا الوطن، ويجلبوا لنا النصر نحن المزارعون الكسالى، ويتسابق البعض الآخر ليسد الخلل السياسي، ويملاء الفراغ، وتختلط النوايا الحسنة بالنوايا السيئة وتجد النوايا السيئة كثيرة عند الساسة فيما تغلب النوايا الحسنة عند المقاتلين وقد باعوا مهجمهم وضحوا بأرواحهم.
كما أن ليس كل سياسي محارب، فأنه ليس كل محارب هو سياسي، ففي حين تمنع المرؤة المحارب من تركه لميدان القتال ليشارك السياسي المحصول، تكون الجرأة عند السياسي الصادق ليسد المنافذ على وصول الطابور الخامس وعودته من مسارب السياسة ومنافذها.
فهل نعتبر ذلك خيانة وانتهازية أم نتفهمه على الرغم من جراحنا وشهدائنا، وهل يتفرغ الجميع للتحرير، ونمنع الحراك المتسارع، وندع الثورة تسرق بحجة القتال؟
لا رجوع إلى الأمام قالها الطاغية ليجدنا أمامه، ونقولها نحن لنحقق بها النصر.
ومن نصر إلى نصر دامت ليبيا في عز.

مصطفى الرعيض

No comments:

Post a Comment

Followers

Pageviews