ثورة 17 فيراير هبت فجاة وكانت نتاج غليان شعبي متوقعا للأنفجار . وفجأة أطلت علينا وجوه وزعامات لم نعرفها هل هم ثوريون أو إنقلابيون على نظام خدموه . طلع علينا إسم المستشار مصطفى عبد الجليل فعرفنا ماضيه وصراحته في عهد حاكم ظالم . وحفاظا للثورة وتوحيدها قبله الصغير والكبير لضمان إلتفاف الثوار على زعامة توحدهم دون أن يسأله أحد من أتى بك .. ثم توالت أسماء لم يعرفها الشعب وقد تكون معروفة من البعض ، ولما كانوا مختارين من المستشار عبد الجليل فقد قبلهم الشعب لأن المرحلة مرحلة تحريرولم يكن الوقت يسمح بنقاش حول الحكم ومن يحكم . والأن وقد تم الحسم على الأقل رغم أن التحريرالكامل لم يتم بعد ، بدأ الشعب يتساءل من هم هؤلاء أعضاء المجلس الأنتقالي ورؤساء وأعضاء المجالس المحلية ووزراء أو أعضاء المجلس التنفيذي أوسفراء جاءوا من المجهول وليس من وزارة الخارجية .
فهل هؤلاء المسئولين رشحوا أنفسهم أوهم نتيجة إختيار المستشار عبد الجليل من معارفه ، أو جاءت بهم جهات أجنبية عربية أو غربية ، فقد قال المستشار عبد الجليل في تقديمه للدكتور محمود جبريل إنه مقبول من الدول الأجنبية بشكل واضح . هل هذه الدول هي التي أوصت به ومن هي ؟ هذا لا ينقص من وطنية هؤلاء المسئولين بل قد يكون مصدر قوة لهم . ولكن الشعب يريد أن يعرف من أوصى بهم . وبدلا من أن يستمع الشعب ألى أقوالهم وماذا يفعلون وسيفعلون أصبح يتساءل من هم هؤلاء وما هو ماضيهم ومن جاء بهم .قالوا هؤلاء أساتذة وحملة شهادات عليا ، ولكن في ليبيا عشرات الألاف من الكفاءات من الأساتذة فكيف تم الأختيار بينهم . ومع هذا هل الشهادات والكفاءات متطلبات في تولي المناصب السياسية ؟ . أعضاء الهيئات التشريعية والتنفيذية يختارهم الشعب أو هيئاته كالأحزاب والنقابات أو ينتخبون من مناطقهم . إن الذين ينادون بالكفاءة فقط مخطئون . ونسألهم هل الرئيس بوش أو أوباما أو بولين أو بلير أو بوتين أو ساركوزي أو برلاسكوني هم من اكفأ الناس في بلادهم المليئة بالعلماء في كل الميادين بما فيها المجال السياسي ومن حملة جائزة نوبل . انهم جميعا مواطنين عاديين إختيروا من أحزابهم وهيئاتهم ومناطقهم وانتخبوا من الشعب ولم يختاروا وينتخبوا لكفاءاتهم العلمية . لقد قلت في إحدى تعليقاتي السابقة أننا نحن العرب مرضى بأسناد مناصب الدولة للعلماء وأساتذة الجامعات . وقد عرف حكام العرب الدكتاتوريين هذه العقدة العربية وحرصوا على تعيين الوزراء من أصحاب الكفاءة وأساتذة الجامعات لأنهم وجدوهم أكثر طاعة وتفرغا لعملهم وعدم تحدي سياساتهم . عمل بذلك عبد الناصر منذ قيام ثورة لوليو وأذكر وقد كنت طالبا في جامعة القاهرة سنة 1952 أنه أخذ أكفأ أساتذتنا في العلوم السياسية والأقتصادية والقانون في كلية التجارة والحقوق وكذلك من الأساتذة الخبراء في الميادين المختلفة من الكليات الأخرى كرؤساء وزارات و كوزراء في حكوماته المتتالية وفي كل مناصب الدولة ، ولكنه ترك في كل وزارة ضابط جيش في غرقة صغيرة مجاورة لمكتب الوزير لتوصيل تعليمات الرئيس فتحول رؤساء الحكومات والوزراء ألى موظفين منفذين لأوامر الحاكم الفرد. وأصبح هذا سياسة أتبعها بعده كل حكام العرب الدكتاتوريين من السادات الى مبارك إلى القذافي إلى بن علي وصالح والأسد حتى حكام دول الخليج وجدوا في العلماءالاكفاء الحمل الأليف ، يقولون لهم نعم ماذا يريد فخامتك أو سموك وما تريد أن نقررأونعمل.
ولنعود إلى وضع ليبيا ، كان من المفروض نشر نبذ رسمية عن حيا ة كل من أعضاء المجلس الأنتقالي والمجلس التنفيذي والوزراء والسفراء ومن يزكيهم . ولعدم معرفة الناس لهم بدأت إشاعات تنتشرحولهم ، وهي سلاح ذو حدين فقد تكون دعاية للشهرة وقد تكون حملة معادية لهم . فمثلا يقول البعض أن بعض المسئولين الجدد من حملة جنسيات أجنبية وهذا ليس عيبا فكلنا يعرف أن كل الليبيين فخورين بجنسياتهم الليبية ولكن البعض حرم منها بسبب إمتناع نظام القذافي من تزويدهم بجوازت سفرهم الوطنية ، فاضطروا لأخذ جنسية أجنبية ليعيشوا ويحملوا جوازات سفر ويسافرو أحرارا .البعض الاخر إضطر لأخذ جنسية أجنبية حتى يسطيع التنقل في العالم أو يقيم في بلد أواه بسبب الحظر الذي فرض على الليبيين للتنقل بسبب أرهاب نظام القذافي الذي جعل العالم يعتقد أن كل الليبيين أرهابيون . إزدواج الجنسية ليس عيبا وأصبح ظاهرة مقبولة في عالم مترابط ، فالمسئولون الأوربيون معظمهم يحملون عدة جنسيات او ابناء مهاجرين أو كانوا يحملون جنسيات أخرى قبل رجوعهم إلى بلادهم أو هجرتهم من بلادهم .وبعض الناس كما بينا يقولون أن هؤلاء المسئولين الليبيين الجدد مفروضون من دول الناتو أو فرنسا بالذات، وإن الأمر دبر بليل قبل أنفجار الثورة ، أوبطلب من الدكتور محمود جبريل وبتدبيرمن وراءه وما هو دور دولة قطرفي إختيارهم ؟ والبعض ركزعلى علاقات هؤلاء المسئولين الوطيدة بنظام القذافي أو بسيف الأسلام . وبأنتشار هذه الأشاعات وجد المتربصون وطماع السلطة فيها فرصة . وأخذ كل منهم يدعي أحقيته في الحكم أو يزكي أحد معارفه . وأصبح الشعب حائرا بين هذا وذاك . وزاد من المشكلة مشاركة وسائل الأعلام العربية والأجنبية في تزكية هذا أو ذاك او إشهار بعض المدعين بالزعامة والقيادة والسلطة وأتضح ذلك للعيان كل من تابع الجزيرة والحرة وب ب س وليبيا الاحرار و غيرها . فما الحل ؟ إقترحت في تعليق سابق علاج الوضع بعد أتمام عملية التحرير الكامل بأعادة تشكيل عضوية المجلس الانتقالي والمجلس التنفيذي ورؤساء وأعضاء المجالس المحلية والسفراء بطرق أكثر ديمقراطية وشفافية في مؤتمرات محلية أو إنتخابات محلية قبل إنتخاب المجلس التأسيسي . وإعتيار هذه المجالس المختارة أو المنتخبة سلطات عليا في مناطقها وإختصاصاتها ومن صلاحيتها الأشراف على كتائب الثوار وضمها إلى الجيش وقوات الأمن حسب إختيارهم أو رجوعهم ألى حالتهم المدنية التي كانوا عليها فالجهاد في سبيل الله وليس للوصل إلى الحكم . وتولي قوات الأمن وحفظ النظام وجمع السلاح .اما المستشار مصطفى عبد الجليل فسيبقى في منصبه للأشراف على المجالس الموجودة الأن وعملية أعادة تشكيلها بعد التحريربطرق ديمقراطية واضحة للجميع حتى يتم إختيار المجلس التأسيسي الذي سيتولى كل السلطات والتعيينات للمرحلة الأنتقالية وأعداد الدستور وأجراء الأنتخابات الرئاسية والبرلمانية .
No comments:
Post a Comment