ردا على ما ذكره محمود جبريل في مؤتمره الصحفي اليوم وما جبل على تكراره في أحاديثه هنا وهناك في مختلف وسائل الاعلام عن استياءه واستنكاره لما يجري على الساحة الليبية لما يسميه صراع على تقاسم العكعة أود أن اوضح له أولا وللاخوة القراء ثانيا النقاط التالية: 1- رغم تقصير السيد جبريل في أداء مسئولياته خلال فترة حرب التحرير وقبل سقوط القدافي فإنه لم يتم انتقاد أداءه خلال تلك الفترة حفاظا على وحدة الصف وتبجيل الاولويات حيث ان مضار الخلاف في ذلك الوقت اكبر من مزايا النقد والتوجيه.
2- رأينا اليوم السيد طيب اردوغان كيف قطع زيارة خارجية له كي يرجع بسرعة ليقوم بقيادة الحكومة وتوجيه ردودها بعد مقتل عدد من الجنود في كردستان وكذلك راينا السيد جبريل وهو بمثابة رئيس وزراء أيضا كيف انه يحضر لليبيا زائرا من وقت لآخر وهو رئيس وزراءها والبلد تعيش حالة حرب كان يجب على قادتها ان يحرموا انفسهم النوم في سبيل قيادتها والمسارعة بتذليل العقبات وحل المشاكل وغيرها مما لا اظنه يخفى على السيد جبريل خصوصا وانه كثير الكلام عن كيفية إدارة الأزمات.
3- لقد مرت اكثر من ثمانية أشهر على تحرير بنغازي ومدن الشرق، كان حري بالسيد الخبير جبريل أن يوظف طاقاته ومداركه وعلمه في تأسيس نموذج يحتذى يتم تطبيقه في مدن الشرق ويتم التعرف على عيوبه من خلال الممارسة ثم إصلاح تلك العيوب حتى يمكن تطبيق هذا النموذج ببعض التعديلات على المدن التي تحررت لاحقا مثل مصراته وطرابلس ومدن الجيل الغربي والساحل. هذا النموذج الذي كان يجب بناءه يحوي داخله كيفية بناء قوة أمنية تحفظ أمن البلاد من المواطنين ضد كل أنواع التخريب من الطابور الخامس وضعاف النفوس، كذلك بناء قوة عسكرية تمثل نواة الجيش الوطني تكون تحت قيادات الثوار وأفراد من الضباط الشرفاء في بوتقة واحدة تشرف على كل الأعمال العسكرية والتجهيز للمعارك والامداد والتسليح والتدريب والتجنيد وغيرها.
4- نحن لم نر شيئا كهذا في بنغازي ولا أي من مدن الشرق. نرى فقط اختراقات أمنية، طابور خامس بسرح ويمرح جيئة وذهابا وصل لدرجة تكوين كتيبة (نداء ليبيا) في قلب بنغازي مسلحة بأسلحة ثقيلة. الحياة العامة أصيبت بالشلل وانتشر السلاح حتى بيد الأطفال ووصل الأمر إلى بيعه بمقابل من قبل بعض فاسدي الذمم من التجار لثوار مصراته بأغلى الأثمان مستغلين حاجتهم الماسة للسلاح والذخائر كي يدافعوا بها عن انفسهم ضد كتائب القدافي الاجرامية وحكومتنا الرشيدة تغط في نوم عميق.
5- انعدام التنسيق مع ثوار المنطقة الغربية من ليبيا ومصراته أيام حرب التحرير إلا فيما ندر وفي مراحل متأخرة من الحرب حيث أحس الثوار والمواطنون بأنهم لا يندرجون تحت اهتمامات المكتب التنفيذي ولا المجلس الانتقالي. وقد كان المجلس والمكتب التنفيذي آخر من يعلم بعمليات الثوار في الجبل ومصراته وهم المفروض أن تكون قيادة العمليات تحتهم باعتبارهم الجسم الشرعي للبلاد.
6- أود أن أقول للسيد جبريل بأن أي فراغ لا يمكن أن يبقى على حاله، إذ أنه يتم تعبئته وخصوصا الفراغ السيايسي الذي وقعت فيه البلاد للأسف منذ الفترات الاولى لحرب التحرير واستفحل بعد تحرير طرابلس.
7- كنت أود أيضا أن أسأل السيد جبريل كيف هو شعورك كرئيس وزراء يتفرج على المعارك الحاسمة قبيل تحرير طرابلس من التلفزيون ولم تكن له أية مساهمة في الاعداد لهذه الحرب لا من قريب ولا من بعيد. وكيف هو شعورك وانت ترى ان الثوار يصنعون المعجزات للتجهيز لفتح طرابلس وأنت غائب تماما عن المشهد؟ ليس هذا وحسب بل صرحت حضرتك بأن تحرير طرابلس هو عمل لم يتم بخطة بل باعمال ارتجالية غير منظمة أدت إلى سقوط المدينة. هذا لأنك لاتدري على شئ وكما يقول مثلنا العامي مثل الأطرش في الزفة.، ثم أين الخمسة عشر الف عنصر أمني والذين قلت انهم جاهزون لحفظ الأمن في طرابلس فور تحريرها أم انهم تبخروا بقدرة قادر.
8- كنا نتمنى وكما قال بعض حكماء ليبيا أن نراك على رأس المقاتلين الداخلين إلى طرابلس وأنت تعرف كم من الزخم والحماس سوف تعطيه للثوار لو أنك فعلت ذلك لا أن تأتي إلى طرابلس بعد شهر من تحريرها وأنت رئيس الوزراء. ولا ننسى أنه مما زاد من حجم الهوة بينك وبين الثوار صدور قرار من المجلس بضرورة خروج الثوار من طرابلس بعد أربعة أيام فقط من تحريرها والتلميح بالاستعانة بشرطة اسلامية لحفظ الأمن وهذا لعمري مالا يمكن أن ينبثق عن عقل راجح.
9- كان يجب عليك أنت وبقية أعضاء حكومتك البقاء في طرابلس لترتيب الأمور وتسهيلها للناس والسعي للعمل مع الثوار في اجتماعت على مدار الساعة من اجل إرساء الأمن ورد الحياة إلى طبيعتها بطرابلس وأن تكون في قلب الحدث وصانعا له لا أن تخرج علينا فقط عند حضور ضيف إلى طرابلس ثم ترجع بسرعة لمعقلك في قطر.
10- تمنينا عليك وقد أعجبنا بكلامك وخططك في بداية الأحداث عن التطوير وبناء ليبيا الجديدة أن تكون على قدر المسئولية وتقود الشباب بخبرتك وحنكتك وأن تحس فعلا بزخم الثورة ومعنى التضحيات التي قدهما شعبنا لا أن تقول عن الثوار بأنهم جماعات مسلحة تتصارع على السلطة. الشئ الذي أؤكده لك أن لا شئ من ذلك يحدث إنما هي التركة التي تركتها والتي لولا تدارك الثوار لها لانزلقت البلاد إلى الهاوية والفوضى نتيجة للتجرد من تحمل المسئولية الذي يقترب بمفهومي من درجة الخيانة. الثوار الذين ترميهم بمختلف التهم تارة بالاسلاميين وتارة بالمتكالبين على السلطة هم الذين رووا تراب بني وليد وسرت بدماءهم الطاهرة وهم الذين أحبطوا مخطط أزلام القدافي لإثارة الفوضى والبلبلة في طرابلس والخمس والجميل ورقدالين وسبها وغيرها من المناطق. لقد هددتنا بالاستقالة وكأني بك قد كنت تقوم بعملك على أكمل وجه. ليس هذا كلامي بل هي تصريحات عقلاء البلاد وعلى رأسهم شيخنا الصادق الغرياني وما قاله عن عجز الحكومة في كل المجالات. كلهم اجمعوا على الاداء السئ والردئ لهذا المكتب أو هذه الحكومة فلا تمن علينا سيادة الدكتور بانجازاتك ولا تهددنا بالاستقالة من مكان انت قد استقلت منه من زمان بل انك لم تشغله أصلا.
وللحديث بقية.
محسن عيسى.
No comments:
Post a Comment