ومتاهـةالداخـل
التاريخ: 25/9/2011
ممـا لاشك فيه أن التصريح الذي أدلى به السيد المستشار/مصطفـى عبدالجليـل بوجود فساد أدارى ومالي خلال الفترة الماضية من الأزمة يجب الوقوف على هذاالموضوع مع العلم بأنه لم يحدد تلك الانتهاكات أو هوية مرتكبيها , إلا أن الأمريتطلب قبل تشكيل أي حكومة أخرى ضرورة الكشف عن هذه المخالفات التي قد ترقى إلىجرائم جنائية قد تؤثر على المسئولين بحكومة الأزمة السابقة التي نراها تتصدرالمشهد التنفيذي القادم وبناء على ماتقدم سوف نتناول بعض الجوانب القانونية التي يستوجبعلى المجلس الوطني اتخاذها من أجل حماية أموال هذا الشعب سواء من خلال إدارةالمرافق العامة أو في صورة حسابات جارية أو أملاك عقارية بظل أهم مرحلة تاريخية منهذه الثـورة.
المحورالأول :
الأسباب القانونية التي اتخذهاالمجتمع الدولي لحماية أموال الليبيين ومؤسساتهم
إنالمجتمعالدولي عندما اصدر قراري (1970- 1973) كان ذلك بموجب ميثاق الأمم المتحدة,وذلكنتيجة لوجود انتهاك لقاعدة قانونية دولية من قبل القذافى وكتائبه تهدد أرواح الشعبالليبي وممتلكاته من أجل حماية الشعب الليبي وأمواله لذا تضافرت جهود المجتمع الدوليابتداء من دول مجلس التعاون الخليج العربي,مرورا بمنظمة جامعة الدول العربية,انتهاءبمؤسسات المجتمع الدولي الذين قرروا وقف الضرر الناجم عن هذا الاعتداء وذلكباعتباره يهدد السلم والأمن الدوليين معا، وتم عرضه على اكبر منظمة ينضوي تحتهاالمجتمع الدولي ألا وهو مجلس الأمن الذي أصدر قراره الأخير بموجب الفصل السابع منميثاق الأمم المتحدة والذي يحتوى على تدابير قسرية ومن بينها استعمال القوة وذلكمن أجل إجبار القذافى على احترام شعبه أولا ومن ثم حثه على احترام الالتزاماتالدولية ثانيا, كما تضمن القرار الأخير عدة إجراءات قانونية وتدابير قسرية وهىكما يلـي:-
1-القيام بالحظر الجوى لحماية الليبيين المدنيين .
2-إيقاف المؤسسة الوطنية للنفط وجميع الشركات المنتجة للنفط الخام بليبيا .
3-تجميد جميع أموال المؤسسات المالية التابعة لمصرف ليبيا المركزي سواء أكانتبالداخل أم بالخارج وكذلك أرصدة القذافى الشخصية وأرصدة أبنائه وأتباعـه.
ومـنخلال مطالعتنا للإجراءات القانونية التي اتخذها المجتمع الدولي نجدها تهدف إلىمجموعة من الالتزامات يمكن حصرها في الآتي:-
أ- إجبار حكم القذافىعلى ضرورة احترام الالتزامات الدولية .
ب-تضيق الخناق علىالقذافى ومؤسساته وذلك بفرض إجراءات الحظر والمقاطعة الاقتصادية.
ج- القيام بالمحافظة على حقوق الشعب الليبيوثرواته ذلك بفرض إجراءات التجميد وعدم تركها للعبث وإنمـا ما أشار إليه السيد الدكتور:محمود جبريل رئيس المجلس التنفيذي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بطلب رفع الحظرعلى جميع الأرصدة المالية والمؤسسات الاستثمارية فان هذا لايتاتى إلا بعد الإسراع بتشكيل لجنةلوضع دستور دائم والعمل على إدارة الانتخابات الدستورية وتشكيل مؤسسات دستوريةتحكمها قانون الحوكمه والإفصاح ولو سلمنا جدلا" بموافقة المجتمع الدولي علىذلك فانه ستكون الموافقة على الإفراج بصورة جزئيه لقضاء الحوائج الضرورية التييطلبها الليبيين بهذه المرحلـة.
فـإذكان هدف المجتمع الدولي الحرص الكامل على ثروات الشعب الليبي, فمن باب أولى قيامالمجلس الوطني الانتقالي ومكتبه التنفيذي بهذا الدور حيث إن الاعتراف القانوني الكامللا يتأتى إلا بضرورة السيطرة التامة على مؤسسات الدولة الداخلية فمن وجهة نظرفقهاء القانون الدولي تعتبر الدولة كواقعة قانونية تتكون من شعب وإقليم وحكومة وسيادة تقومبممارسة اختصاصاتها الإقليمية بشكل جامع فوق ماهو موجود على إقليمها من أشخاص وأموال,سواء كانت أموال وطنية أم أجنبية.
فـإذارغب المجلس الوطني الانتقالي المؤقت الحصول على الاعتراف القانوني الكامل يجب إعلانالتحرير وفرض سيادته على جميع الاراضى الليبية وسيطرته على جميع المؤسسات وإلغاء أيجهة سابقة في الحكم السابق كانت تملك حق التصرف في إدارة هذه المرافق.
ويجـبهنا تسليط الضوء على أمر هام وخطير وهو اعتقاد كثيرا من أفراد الشعب الليبي بانالاعتراف الدولي بالمجلس الانتقالي جاء نتيجة وجود فلان أوعلان وكأن الثورة أصبحتمعلقة برقبة شخص واحد وعلية أنبه هذا الشعب الحر أن يثق بنفسه وبثوارة البواسلأولا ومن ثم المجلس الوطني الانتقالي ثانيا .
فمـنالمعروف أن الحراك الدبلوماسي ما هو إلاوسيلة للاتصال فقط وإنما كانت تجني الانتصارات الدبلوماسية عن طريق ثوارناالموجودين على الجبهات فهم من كانوا ينزعون الاعترافات الدولية وهذه الحقيقة تأكدتعند قيام الثوار بتنفيذ عملية ((فجر عروس البحر بطرابلس)) والدخول على القذافى في قصرهبباب العزيزة, حيث تداعت أغلب الدول بالاعتراف بالمجلس الانتقالي كممثل شرعي للشعبالليبي بما فيهم الدول التي تلكأت في بداية الأمر وهي ( روسيا والصين والاتحادالأفريقي )
ولم يكن للدبلوماسية الخارجية الليبية اى دور فيهذه الاعترافات, وهذا دليل قاطع لايقبل الشك ، وعلى الشعب الليبي والمجلس الوطني الانتقاليوأي حكومة تشكل في هذه البلاد أن تقف إجلالا وإكبارا لهؤلاء الثوار ونقدم آياتالعرفان والتقدير إليهم والترحم على أبطالنا الشهداء بكل لحظة فهم الذين سطرواالتاريخ الليبي بمدد من الدماء الغاليةوستكون هذه الثورة هي ملحمة ليبيا وستبقي علما" بارزا" في التاريخالانسانى وصفحة من صفحاته الواهجه.
المحور الثاني :كيفية الحفاظ على أموال الشعب الليبي من قبل المجلس الوطني الانتقالـي ...
يجـبعلى المجلس الوطني الانتقالي وضع قيود صارمة على جميع المرافق العامة وذلك بإصدارقرار تحفطى على هذه المرافق سواء على إدارتها أو حساباتها بالمصارف الداخلية أوالخارجية وخصوصا البنك العربي الليبي الخارجي الذي كان يتولى كافة النشاطاتالمصرفية وعمليات التمويل الخارجية و كما يوجد لديه عدة مساهمات واستثمارات خارجيةمنتشرة على مستوى دول العالم.
وعليهفانتحديد تلك المرافق ابتداء من أعلى هرم أدارى بالدولة السابقة إلى أدنى إدارة تابعةلها يعتبر أمرا هاما وملزما بهذه المرحلةولقد جاءت المادة (87) من القانون المدني بتعريف الأموال العامة بأنهــا ( تعتبرأمولا عامة العقارات والمنقولات التي تكون مخصصة للمنفعة العامة بمقتضى قانون أومرسوم) الأمر الذي نرى معه تحديد تلك المرافق تحديدا" دقيقا وواضحا سواء بالمرافقالداخلية أو المؤسسات الخارجية ويجب على أي وزارة تتبعها أي مؤسسة إدارية أو مالية،أو اقتصادية، تكون هي المسئولة عن أعمالها مسؤولية مباشرة أمام المجلس وهني يجبتنبيه المجلس الوطني الانتقالي بهذه المرحلة التاريخية بأنه يجب أن ينفتح علىالشعب الليبي ويقوم بمشاركة المجتمع المدني والاعتماد على النقابات المهنيةالمتخصصة مثل نقابة المهندسين والمحاسبين والمصرفين وجميع النقابات ذات الصلة بأيمرفق باعتبارهم هم صناع هذه المهن وهم من لديهم الخبرة والقدرة على معرفة هذهالمرافق وبإتباع هذا الإجراء يتولى المجلس بسط سلطاته الداخلية ويكون قد فرضسيادته على جميع التراب الليبي وبشكل فعلى وهذا ما قضت به المادة (88) من القانون المدنيالتي نصت على انه (( تفقد الأموال العامة لصفتها بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة,وينهى التخصيص بمقتضى قانون أو مرسوم ينهى الغرض الذي خصصت من أجله تلك الأموالالعامة)).
ومـنخلال ما تقدم يجب على المجلس الوطني الانتقالي بهذه المرحلة قبل تشكيله للحكومة إصدارتشريع أو قرار لحماية مؤسسات الدولة وأموالها باعتبار المرحلة الحالية مرحلة ثورة وإنهاءنظام سابق وتدشين نظام جديد يهدف للحرية والعدالة والديمقراطية وقيام المجلس بهذهالخطوات هو الإقرار بالحكومة الجديدة التي حلت محل الحكومة السابقة وتتويج لثورة(17 فبراير) ويجب أن لايعهد للحكومة التي يتم تعينها خلال الأيام المقبلة إدارةهذه الأموال إلا بعد تأسيس مؤسسات الدولة فعليا وإحكام الرقابة عليها بموجبالتشريعات النافذة التي تنظم ديوان المحاسبة ولجنة الشفافية التي تم تشكيلها منقبل المجلس الوطني الانتقالي.
وانالسوابق التشريعية في تاريخ ليبيا تؤكدلجوء جميع السلطات المتعاقبة على حكم ليبيا صدور مجموعة من التشريعات لحماية هذه الأموالومن أهمها المنشور رقم (86) الصادر من المعتمد البريطانـي بتاريــخ (09/ابريل/1951)والمرسوم الملكي بشان تنظيم الحراسة على بعض الأملاك الصادر بتاريخ (6/نوفمبر/1955).
وتأسيساعلى ما تقدم ذكره نتخلص إلي ما يلي :
أولهمـا :يجب على المجلس الوطنيالانتقالي إحالة كافة ملفات الفساد الادارى والمالي التي أشار إليها السيدالمستشار/مصطفى عبدا لجليل إلى لجنة الشفافية التي أعلن المجلس على تشكيلها فإذاثبتت هذه المخالفات سواء عن طريق القصد أو الخطأ فلا مناص بعد ذلك بإحالة كافة الملفاتإلى القضاء،حتى يعاقب مرتكبي هذه الأفعال بموجب القوانين المعمول بها،ولا يعفىالمجلس التنفيذي من المسئولية في حال ثبوت ارتكاب هذه الأفعال.
ثانيهما :يجب الاهتمام بأسر الشهداءوالجرحى والمفقودين والثوار الموجودين على الجبهات لما بذلوه من دمائهم وجهدهم مماأدي إلي انتصار هذه الثورة والاعتراف الدولي كما انه يجب الاهتمام بمن تم قمعهم فيالسجون السياسية وإعداد خطة واضحة تضمن لهم حياة كريمة بهذه المرحلة وإعطائهم الأولويةفي اى خطة تنموية تسعى إليها الدولة الحديثة في ليبيا.
ثالثهما :إصدار قانون أو قرارمن قبل المجلس الوطني الانتقالي المؤقت يقضى بالتحفظ على مرافق الدولة السابقة من أعلىالسلم الادارى للدولة والمتمثل في مؤتمر الشعب العام إلى أدنى إدارة ينطبق عليها أحكامالقانون العام وتكون أموالها أمولا عامة بحيث يتم التحفظ على تلك الأموال سواء فيصورة ملكية عقارية أو أرصدة بالبنوك الداخلية أو الخارجية وعلى مصرف ليبيا المركزيتنفيذ هذا التحفظ ولا يجوز الإفراج على تلك الأموال إلا عند صدور دستور واضح يتفقعليه كامل الشعب الليبي ,يلبى طموحاته ويحافظ على حقوقه,وبرلمان منتخب يمثل كافةالشعب الليبي.
وختاما لذلك لايجوز المساس بتلك الأموالخلال المرحلة الانتقالية إلا من خلال ميزانيات محددة لكل حقيبة وزارية وتحديدالنفقات التي يرغب المجلس الوطني بإنفاقها على هذا الشعب بهذه المرحلة الهامةوالقصد من ذلك هو الحماية القانونية للأموال العامة وذلك بسبب الفترة الانتقاليةالتي حددها المجلس الانتقالي بمدة ثمانية أشهر بموجب الإعلان الدستوري الصادربتاريخ ( 3/8/2011 ) والذي بموجبة وضح الشكل القانوني لإدارته للبلاد بالفترةالقادمة وبالتالي يعد هو أساس نظام الحكم إلي أن يتم القضاء بالكامل على نظامالقذافي وتحرير كامل البلاد وأي مخالفة لذلك يعتبر عمل غير دستوري .
وفقكـمالله
والسلامعليكم ورحمه الله وبركاته
إبراهيمحسن ونيس العوامى
باحثقانوني بالشؤون المصرفية
No comments:
Post a Comment