ومن صمامات الأمان العظيمة التي أحسبهامما يساهم في المحافظة على ثورتنا وسمو أهدافها التي قامت من أجلها، المسارعة فيالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر! . لا ينبغي لأحد من أفراد شعبنا أن يسكت بعدالآن حين يرى المنكر أو أي مظهر من مظاهر الباطل، أياً كان مصدره، ومهما تضاءلقدره. و لايقولن أحدٌ إن الصدع بكلمة الحق هو من شأن العلماء والكتاب وطلبة العلموحدهم، كلا، بل هو من واجبات فئات الشعب كلها بكافة أطيافها.
إنّ الذي يشجع الطغاة والمستبدين عبرالعصور لارتكاب الظلم والقمع هو صمت الناس جميعا إزاء ظلمهم وطغيانهم، أو قلةالصادعين بكلمة الحق. أما التحريض والتشجيع على فعل الخير والأمر بالمعروف فهوأداة فعالة ظهر أثرها العميق النافع في كل المجتمعات المسلمة وغير المسلمة.
ورد في الحديث الصحيح الذي رواه النعمانبن بشير رضى الله عنهما عَنِ النَّبِيِّصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِاللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ،فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِيأَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ، مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ،فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا، وَلَمْ نُؤْذِ مَنْفَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعاً، وَإِنْأَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا).
وكادت سفينة بلادنا تغرق بعد انتشارالخروق في جدرانها، وقلة الراتقين، والتنكيل بهم!. وعلم الإرهابي القذافي أن منأسباب قدرته على الاستمرار في حكمنا نشر الفساد وتمييع أخلاق الناس، فضرب صفحا عنانتشار المخدرات، بل ربما كان وراء جلبها، أو من أسباب انتشارها، حتى أصبح سعرهامن أقل الأسعار في العالم، وشجع على الزنا، بل وجلب بعض بائعات الهوى من دولمعينة، وشجع على أخذ الرشوة حتى عمت وطمت. فهل رأيتم أيها القراء الكرام كيف أن الطغيان يعشعش وينمو في مناخ يعربد فيهالمجون وينمو فيه الفساد، ويقل فيه الصالحون والمصلحون؟
ولعله من المناسب في هذا المقام أن أطلبمن السيد محمود جبريل أن يبين لنا سبب اختياره لمن أشيع أنهم من أقربائه كالسيدالنايض مثلاً. هل كفاءته مما يجعلنا نغض الطرف عن قرابته له، وتسوغ تعيينه فيالموقع الذي عُين فيه؟ أليس من حقنا يا سيد جبريل وقد عانينا من أربعة عقود منالإرهاب والفساد أن نتوقع منك تعاملاً يتسم بالشفافية والوضوح، خاصة بعد أن كثرالحديث في مسألة تعيينك لأقربائك ولاكتها الألسنة؟
لقد سارع الرسول صلى الله عليه وسلم، عندمارآه صحابيان رضى الله عنهما مع أمنا صفية رضى الله عنها ليلا، سارع بتوضيح الأمركما جاء في الحديث.
حدثنا أحمد بن شبويه المروزي حدثني عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن علي بن حسين عن صفية قالت: كان رسولالله صلى الله عليه وسلم معتكفا فأتيته أزوره ليلا فحدثته ثم قمت فانقلبت فقام معيليقلبني وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا النبيصلى الله عليه وسلم أسرعا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: على رسلكما، إنها صفيةبنت حيي، قالا سبحان الله يا رسول الله، قال: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرىالدم فخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا أو قال شرا. فتأملوا رسول الهدى صلى الله عليهوسلم يوضح لصحابيين شيئا متعلقا بزوجته رضى الله عنها، مع أنهما لم يخوضا في سيرتهوسيرتها، رضى الله عنهما، فكيف لا نطالب نحن بتوضيح مسألة اثارت مخاوفنا بعد أنشربنا من كأس الظلم والاستبداد حتى الثمالة؟
وإن أردت أن تتأسىببعض حكام الدول الغربية فانظر إلى روساء أمريكا مثلا، يسارعون لعقد المؤتمراتالصحفية كلما لاكت الألسنة سمعتهم، فيجيبون عن الأسئلة ويوضحون ما استشكل عليهمفهمه.
ولا يقولن أحدٌ إنهذه مرحلة انتقالية فلا تكلفوا الرجل أكثر مما يطيق، فأقول: إني كفرد من أفرادالشعب الليبي لا أطلب من السيد محمود جبريل حمل الجبال، أو مقارعة الأهوال، بل أمراًًهينا جدا يتمثل في عقد مؤتمر صحفي يبين فيه سبب قراراته المتعلقة بتعيين بعضأقربائه وأصدقائه، لكي تطمئن نفسي ونفوس غيري، على أن يكون عقد المؤتمرات الصحفيةمن الأمور الدورية المنتظمة التي يقوم بها هو وأعضاء حكومته في المستقبل.
إن النار الهائلةالتي تدمر وتقتل تبدأ بشرارة صغيرة حقيرة لا يؤبه لها أحيانا، ومن هنا فلابد منمواجهة الصغير حتى لا يشجع على فعل الكبير، وقديما قال الشاعر:
لا تحقرن صغيرة... إن الجبال من الحصى
أدعو الله أن يعينالسيد محمود جبريل، وأعضاء الحكومة الانتقالية المزمع تكوينها على أداء مهامهم،والعمل بنزاهة وأمانة تعوضنا عن سنى أبشع استعمار تعرضت له بلادنا، وأن يلهم أفرادشعبنا كله ليصدعوا بكلمة الحق في وجه الانحراف والظلم والفساد أيا كان مصدره وقدره،وأن يحفظ بلادنا من الشر والأشرار، ومن الفتن ما ظهر منها وما بطن.
سالم بن عمار
No comments:
Post a Comment