أثار حديث الدكتورعلي الصلابي بقناة الجزيرة قضايا كبرى ونقاطا عديدة ومهمة، منها حق التعبير عنالرأي، بقوله أن لا مجال لتكميم الأفواه مجددا، وأن لا سبيل لقمع الناس ومنعهم منحق التعبير عن آرائهم، وأن أسلوب القمع أسلوبا استبداديا قد مضى زمنه، وأن من حقكل الليبيين النقد والتوجيه، لأن الوطن وطن للجميع، وبطبيعة الحال بالأسلوب الذييراه مناسبا، إذ لا ينبغي تحديد مسلكا معينا، لا يجوز تجاوزه أو تعديه، ويتضح منحديثه بجلاء ووضوح حرصه وخوفه من اختطاف الوطن وذلك من قبل شخصيات اقصائية، وأخرىغير مختصة بمجال الوزارة المنوطة بها، ويدعو أن يكون الرئيس المكلف بقيادة الحكومة،شخصية قوية بعـيدة عن الإقصائية، ومحل توافق وطني من كافة أطياف المجتمع الليبي، وكذاوزراء حكومته، وبالأخص من قبل الثوار، الذين لـولا الله تعالى ثم هـم، ما كان لناما كان من نـصــر على طاغـوت العصر، كما تخوف من فرض رموز وشخصيات محددة، وذلك من قبلجهات معينة، هدفها تحقيق مصالح ذاتية وغايات الدول الداعمة لهم، ولتوجهاتهمالفكرية.
وقال إن المكتبالتنفيذي وقع في أخطاء فادحة خلال فترة إدارته الماضية، وذلك على المستوى السياسيوالإعلامي وغـيرهما، وأنه أمتنع عن النقد خلال تلك الفترة، لأن البلاد كانت تمربمرحلة لا تحتمل النقد، مرحلة قتال وتحرير، وبتحرير العاصمة سقطت المبررات المانعةمن النقد، ولأنه لا يمكن أبدا تجاوز ما يخطط له ويرسم من مستقبل للوطن، وأنه لايجوز أن يحصر مستقبل البلاد في ستة أشخاص أو نحوهم، يحددون مصير الوطن الذي ضحى منأجله ثوارنا الأشاوس، الثوار الذين تخضبت دمائهم الطاهرة الزكية بتراب الوطنالغالي، وعلت حناجرهم مجلجلة بصيحات الله أكبر، وتورمت أقدامهم قياما لله ربالعالمين شكرا وتعظيما، وتركوا الدنيا ومتاعها، وباعوا أنفسهم نصرة لدينهم ولشريعةربهم، وذادوا عـن أهلهم ووطنهم وديارهم.
وقال إن المكتبالتنفيذي يريد الإتيان بشخصيات أمنية محسوبة على النظام السابق، أياديها ملطخةبالدماء وبالفساد، يريد أن يفرضها عـلينا وعلى شعبنا الليبي، لن ولن نرضى، وأنىلنا أن نرضى!!؟ وقال مستنكرا لماذا يبعد ويقصى أبناء الوطن، ذوي الخبرة والكفاءاتممن عمل في مجال البترول وإدارته سنين طوال، ويُمَكَنَّ للقادم الجديد، ممن ليس لهكل تلك المؤهلات والخبرة العملية، أي منطق يُبْعَدْ كل أولئك ويُمَكَنَّ لهذا دونغيره!!؟؟.
وقال لماذا يحلوللبعض منهم اتهام مخالفيهم في مجالسهم بالجهل والغباء والتخلف، وتشويه الثوار الكرامواتهامهم بالتطرف والغلو، وأن المجتمع الدولي غير راض عنهم!!؟، وتسويق ذلك عبرالإعلام، إن المجتمع الدولي لا يقبل إلا بفلان أو علان، هذه من الأكاذيب والأباطيلالتي ولى عهدها وانتهى، فـكـفى تضـليلا وافـتراء، وقال إن زمن فرض سياسة الأمربمنطق الاستبداد السياسي قد مضى، وأن من حق الجميع أن ينتقدوا دعـم المكتبالتنفيذي لمؤسسة معينة، لصنع رموزه!!، ومنع الآخرين من التعبير والتحدث من تلكالمنابر!!!، وكذلك من حقهم أبداء الرأي في الأسماء والقوائم التي اختيرت وفقمعايير معلومة، لتولي مهاما بالجيش والأمن، وبالنفط والاستثمار، وبالطب وغير ذلك.
وقال إنالأستاذ محمود جبريل لا يحظى بإجماع الثوار والنخبة السياسية وكافة المجالسالمحلية، وعليه تقديم استقالته، وأنه لو سمح له ومن معه بأن يمارسوا منطقهم وأجندتهم،لوقعنا في عصر جديد من الاستبداد والدكتاتورية، وهي ذات الكلمة التي قالها رئيسالمجلس العسكري بطرابلس عبدالحكيم بلحاج، " نحن قاتلنا للتخلص من الدكتاتور،ولا نريد دكتاتورا آخراً "، وقال الصلابي إن انتقاده للأستاذ محمود جبريل بسببتجاوزاته، وممارسته لسياسة تهميش وإقصاءالثوار، وفرض أجندته على المجلس المحلي بطرابلس، ولتعيينه للأستاذ عارف النايضمسئولا عن طرابلس!!، ولتصرفات النايض باستعماله لكتائب مسلحه في أمور ليست مناختصاصه، علما بان الأستاذ النايض هو سفير ليبيا الجديد بدولة الإمارات العربية!!!،كما انتقد ما اسماه بالسياسة الاقصائية لمسئول ملف الإعلام الأستاذ محمود شمام.
وقال الدكتور على الصلابيإنه يدعم سياسةالمستشار مصطفى عبدالجليل دعما كاملا، مع رجائه من سيادة المستشار أن يستمع لكلامالثوار الذين بذلوا كل غالي ونفيس من أجل الثورة المباركة، وأن ينصت لآراء كافةالوطنين الليبيين، ولمؤسسات المجتمع المدني، لإقامة الحرية وتحقيق العدالة.
وأقــول: تعليقا علىأراء الدكتور الصلابي وبالأخص أهم الملاحظات النقدية التي كانت محل استنكار، ونـقدمن مواطنين ليبيين، نحو قول الدكتور الصلابـي: " الليبيون يريدون كذا والشعبيطالب بكذا " في لقائه الأخير مع قناة الجزيرة، وفيما أحسب أنها من أكبرالمؤاخذات على الدكتور الصلابي، وإنني أتفق مع ناقدي الدكتور الصلابي بخصوص ذلك،لأن ظاهر اللفظ يدل على أن حديثه يشمل كل الليبيين أو أغلبهم، وهذه حقيقة، معإقراري بأن الدكتور الصلابي قال وفي ذات المقابلة غير مرة إنه يعـبر عن نفسه وعنالطيف الذي يوافقه، سواء من الثوار أو من غيرهم بالمجالس المحلية أو غيرها، وللإفادةهذا الأسلوب التعبيري،( العام الذي يراد به الخاص)، هو أسلوب معهود في القرآنالكريم، ومن أمثلته قوله تعالى: ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا)فلفظ الناس كما نعـلم عام ولكن يراد به خصوص المكلفين، لأن الشرع والعقل دل على أنإخراج الصبيان والمجانين من هذا الحكم، إذن فهذا عام ولكن أريد به الخصوص، ونحوهكثير*، ولذا أقول قد يكون الدكتور الصلابي استخدم هذا الأسلوب التعبيري لكثرةتعهده بالقرآن الكريم، ولكونه يحفظ القرآن الكريم بإتقان، حفظه حينما كان بسجنأبوسليم ريعان شبابه على فضيلة الشيخ محمد الحراتي تلميذ الشيخ البشتي، عليهمجميعا رحمات رب العالمين، ولكن ذلك لا يعـفـيه من وجهة نظري، لأنه أحدث إرباكاوتشويشا، ومع ذلك فالأفضل والأصح إيضاح المعنى بغير إبهام لئلا يشكل على السامعوالخصم.
والملاحظة الثانية:إن حرص الدكتور الصلابي وتخوفه حجبه عن بيان الأدلة والبراهين الدالة على أقوالهالتي صرح بها، مما دفع بعضهم لاتهامه بأمور هو أسمى منها، مما يوجب عليه إثباتأقواله بالحجج والبراهين لكيلا يقع فريسة أقواله، مع قناعتنا بأن النقد ليس مجردفضيلة، وإنما هي فريضة شرعية وضرورة حتمية، بمقتضى النقل والعقل، وأقول لمن يطالبالمنتقدين بالسكوت، إن العجب هو سكوتكم أنتم، والأعجب من ذلك إنكاركم على من ينكرعليهم، مع أن كلمة الحق أقل مراتبها الاستحباب وقد تصل للوجوب، وأحسب أن الدكتورالصلابي ما دفعه لمثل هذا الموقف كما يقول إلا تعنت الدكتور محمود جبريل، وعدمتجاوبه وإقصائه لمن يخالفه الرأي والفكر، وبالأخص أن الدكتور جبريل لم يتقبلالتيار الإسلامي، فضلا أن يتعاون معهم، وأقول إن الثورة قامت لنصرة الحق لا للسكوتعلى التجاوزات والظلم، فلا تكمموا الأفواه، وقد تخلصنا من الذين يدافعون علىالقذافي ، فمتى ومتى يتخلص من أصيب بهذا الداء العضال مما أبتلي به آمل أن يكونقريبا.
وأقول: لا بديل عنالحوار بين الأطراف المختلفة فكريا أو سياسيا، لأنه الخطوة الصحيحة في الاتجاه الصحيح،ولابد من الاستماع لمنطق العقل والحكمة لتجاوز كل الخلافات والتباينات، وعدم تحميلالوطن ما لم يحتمل، فـدماء شهداءنا الأبرار لم تجف بعد، وجراحاتنا ثوارنا لمتلتئم، فلنتواصل ولنزرع الثقة فما بيننا لأنها تُوَلِّد الأمان والاطمئنان تجاهالنفس والآخر، وبالثقة سيقوى البنيان ولا يكون للشك والريبة مكان، وبغيابهاسنتهاوى أمام كل تيار جارف، وسيجرفنا نهر الشك والريبة إلى ميدان التـفـككوالانقسام، وهذا يوجب على قيادة المجلس الانتقالي قبل غيرهم معالجة هذا الخلل،والبحث عن وسائل وسبل ناجعة، نحو تشكيل مجلس استشاري يضم الحكماء والمصلحين منكافة أطياف اللون الليبي لتقديم الرأي والمشورة، وللمساعدة في حل كل خلافباعتبارهم جهة محايدة ومستقلة، وأخص بالذكر سيادة المستشار مصطفى عبدالجليل لأنهشخصية يجتمع عليها كل بني وطني، ولأنه رأس السلطة في دولتنا الليبية.
وأقول هل سيكونالمخرج من هذا الخلاف تخلى الأستاذ محمود جبريل عن رئاسة الحكومة الانتقالية حفاظاعلى اللحمة الوطنية، ومصلحة الوطن العليا؟؟، أم سيكون المخرج غير ذلك؟؟، وهل سيعملالمجلس الانتقالي بقيادة المستشار مصطفى عبدالجليل على نزع فتيل الصراع الذي قد لايحمد عقباه، ويكون موقفه كما عهدناه موفقا ومشرفا؟؟، آمل ذلك ، أم سيكون الموقف غيرذلك؟؟؟.
نصر سعيد عقوب
nasraqoub@googlemail.com
nasraqoub@googlemail.com
.................................................................................................................................
· نحو قوله تعالى ( ما كان لأهل المدينة) هذاعام ( ومن حولهم من الأعراب) هذا عام آخر( أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه) هذا عام ولكن يراد به خصوصالقادرين، وكذا قوله تعالى ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهمإيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل (المراد بالناس في أول الآية: نعيم بن مسعود، ومنها قوله تعالى :( أم يحسدون الناس) يعني : محمدا صلى الله عليه وسلم وحده.
No comments:
Post a Comment