أشارتْ وكالة المخابرات المركزية إلى أنَّ القذافي يُفَكِّر جدِّيًّا في مُغادَرة العاصمة لأسبابٍ أمنيَّةٍ، ومِن جانبٍ آخر فإنَّ البيتَ الأبيض يُدافِع عنِ الحملة العسكريَّة.
وول ستريت جورنال
الجمعة 24. 06. 2011
آدم إينتوس وجوليان بارنز
ترجمة فضيل المنفي
طبقًا لِما أذاعتْه وكالة المخابرات الأمريكية فإنَّ القذافي يُفَكِّر جدِّيًّا في الهُرُوب من طرابلس إلى مكان أكثرَ أمانًا خارج العاصمة؛ لتوقُّعه بأنَّ سيطرته على النظام آخذةٌ في الانهيار!
وأعْرَبَ مَسؤولُ الأمن القَومي في تقريرٍ أُعِدَّ مُؤَخَّرًا - والذي شارَك فيه مَكتبُ الاستِخْبارات والبيتُ الأبيض ووكالات أخرى - عن أنَّ وكالة الاستخبارات الأمريكية علمتْ أنَّ القذافي لَم يَعُدْ يشعُر بالأمان في طرابلس؛ بسبب تزايُد ضربات حلف شمال الأطلسي، والمكاسب التي يُحَقِّقُها الثوارُ على أرض ليبيا.
وقد صرَّح مَسؤولٌ أمريكيٌّ بأنَّه منَ الصعب معرفةُ موعد خروج القذافي من طرابلس؛ حيث إنه لا يبدو وشيكًا، وصرح أيضًا مسؤولون آخرون بأنَّ مثل هذه المعلومات تَمَّ تداولها في السابق، حتى وإن لَم تكن بنفس الزخم الذي تبدو عليه الآن، كما أنَّ وكالات الاستخبارات الأمريكية لم ترَ أي مؤشِّرٍ يشير إلى أنَّ القذافي ينوي مُغادَرة البلاد.
وقال مسؤول كبيرٌ في وزارة الدفاع الأمريكية: إنَّ المسؤولين الأمريكيين يعتقدون أنَّ الضغط العسكري على طرابلس مؤخَّرًا هو الذي دفَع بالقذافي للبَحْث عن مكان أكثر أمانًا بعد ثلاثة أشهر من هجمات قوات التحالف، وواصل القول بأن القذافي لديه عدة أماكن أخرى بإمكانه اللجوء إليها خارج طرابلس.
وقد جاء كَشْفُ هذه المعلومات تزامنًا مع محاولات البيت البيض الحدَّ من مشاركة أمريكا في الحملة التي تقودها قوات حلف شمال الأطلسي على ليبيا؛ حيثُ حدَّد الرئيسُ باراك أوباما دور القوات الأمريكية في الهجمات ضد قوات القذافي عن طريق تسليم المهام للتحالُف الأوربي، وأتى هذا التصريحُ مع إعلانه يوم الأربعاء الماضي عن بداية سحْبِ القوات الأمريكية من أفغانستان!
ومن المرجح أن تكون علامات نجاح الحملة العسكرية دافعًا لحشد التأييد الأمريكي، في الوقت الذي يُواجه فيه السيد أوباما انتِقاداتٍ متزايدةً من الجمهوريين والدِّيمقراطيين حول مُشاركة أمريكيا في الحملة العسكريَّة ضد ليبيا.
وشَكَّك بعضُ أعضاء الكونجرس الأمريكي في الأُسُس القانونيَّة لتَدَخُّل واستِمرار واشنطن في الأزمة الليبيَّة، ومِن شأن مَشْروع القانون المحدد للتصويت يوم الجمعة المقبل - والذي يشرع مشاركة الولايات المتحدة في ليبيا لمدة سنةٍ واحدةٍ، ولكنَّه يَتَطَلَّب وُجُود "مبررات كاملة وحديثة" مِن إدارة أوباما للقيام بعمليات عسكرية، ومشروع قانون آخر سوف يُحَدَّد يوم الجمعة أيضًا برعاية النائب الجمهوري (توم روني) مِن ولاية فلوريدا، لِوَقْف هجمات الطائرات بدون طيار في ليبيا.
وأشار مَسْؤولون بالاستِخبارات الأمريكية إلى أنَّ الحملة العسكرية في طرابلس كان لها تأثيرٌ سلبي على النظام؛ حيث إنَّ جُهود حلف الشمال الأطلسي أثَّرتْ تأثيرًا كبيرًا في الحدِّ مِن قُدرة النظام الليبي على القيادة والسيطرة على قواته العسكرية، في حين قال مسؤولٌ رفيع في وزارة الدفاع الأمريكية: "لقد أصبح من الصعب جدًّا على القذافي أن يديرَ أعماله من داخل طرابلس"!
وعلى الرغم مِن أن بعض المسؤولين الأمريكيين يشتاقون لِمُغادرة القذافي للسلطة، إلا أنَّهم قلِقون مِن أنَّ حلفَ الشَّمال الأطلسي والدول الإفريقية المجاوِرة لليبيا لَم يخططوا بشكل صحيح للفوضى التي قد تنجُم بعد سقوط نظام القذافي، وهذا يُذكِّرنا بما حدَث في العراق لعدم التخطيط لسقوط صدام حسين فأسهم ذلك في الحرب الطويلة التي تلتْ سُقُوط النظام العراقي.
وفي حديث للوول ستريت جورنال قال القائد العسكري في إفريقيا الجنرال (كارتر هام): إنَّ المجتمع الدولي قد يواجه أزمةً كبيرةً بعد سقوط نظام القذافي، فعدم وُجُود مخططات مُسبقة شيءٌ لا ينبئ بخير.
وتنبَّأ الجنرال (كارتر هام) بأنَّ سُقُوط القذافي سيكون سريعًا، مشدِّدًا على أهمية إنشاء خطَّة من قِبَل التحالُف للتعامُل مع الوضع ما بعد القذافي، وواصَل القول بأنَّ الأُمم المتَّحدة والاتحاد الإفريقي ربما سيُواجهون اتخاذ قرارِ إنزال قوات بريَّة إلى ليبيا، مُشددًا على أنَّ الولايات المتحِدة الأمريكية لن تُرسل قوات بريَّةً.
كذلك أضاف الجِنرال (كارتر) أنَّه إذا عمَّت الفَوضى بعد سُقُوط القذافي وأدَّى هذا الأمرُ إلى انهيار جميع مُؤَسَّسات الدَّولة، فحينها سيُصبح من الضَّروري وُجُود قُوات تضْمن سَلامة البِنية التحتيَّة للدولة وحِفْظ القانون.
وقد أظهرتْ آخر المعلومات الاستِخباراتيَّة أنَّ الثُّوَّار "قريبون جدًّا مِن بعض المدن الخاضِعة لسيطرة النظام"، وهذا الأمر يُشدِّد الخِناق على القذافي، ومن جانب آخر رفَض بعضُ المسؤولين الأمريكيين أن يُناقشوا تحرُّكات الثُّوَّار، ولكنهم أكَّدوا أنَّ جُل النجاحات التي يُحققها الثوار تقع في الجزء الغربي من ليبيا.
وفي الجانب الشرقي يُسَيْطر الثُّوَّار على مدينة (مصراتة) التي تقع على بعد 125 ميلاً شرقي طرابلس، حيث يقول الثوار بأنهم غير قادرين على الاستمرار في التوسُّع والسيطرة على مساحات جديدة، وبالتحديد في اتجاه الغرب على الطريق الساحلي المؤدِّي إلى طرابلس.
وقد صرَّح بعضُ القادَة العَسْكريين من الثوار في (مصراتة) يوم الخميس بأنهم قد فقَدوا 38 مقاتلاً خلال الأسبوع الماضي، أغلبهم لقيَ حتْفه؛ بسبب هجمات بالصواريخ، وقذائف الهاون، مِن قِبَل قوات القذافي.
وتَوَقَّع إبراهيم الدباشي - نائب سفير ليبيا في الأمم المتحدة، والذي انْشَقَّ عن القذافي - بعد وقتٍ قصيرٍ مِن انْدِلاع الثَّورة في فبراير، بأنَّ الهجمات التي يشنُّها الثُّوَّار في الجبل الغربي على كتائب القذافي مِن شأنها أن تُعَجِّل بسُقوط النظام قبل نهاية يوليو.
وأضاف السيد الدباشي - وهو أحد أبْرَز المنْشَقِّين الأوائل عن نظام القذافي - بأنه يعتقد أن المعركة النهائيَّة سوف تُحسَم خلال أسابيع، وذلك نتيجة لآخر التطوُّرات التي تجري في الأجزاء الغربية والجنوبية منَ البلاد، وقال أيضًا: إنَّه على اتصال يومي بأعضاء المعارَضة!
ووفقًا لمسؤولين من نظام القذافي فإنَّ هجمات حِلْف الشمال الأطلسي حدَّتْ مِن قُدرة القَذَّافي على التحَرُّك داخل العاصمة، ولكنَّهم يُصِرُّون على أنَّ القذافي لا يَزال لَدَيْه القدرة على السيطرة وقيادة الحرب!
ومِن جانبٍ آخر صَرَّح ناشِطون مُعارضون من داخل العاصمة بأن القذافي كل ليلة يتنقل بين مستشفيات وكنائس ومتاحف العاصمة برفقة حاشيته؛ خشية استهدافه من حلف الشمال الأطلسي.
وقد اتَّهَم نظامُ القَذَّافي حلف الشمال الأطلسي باستهداف القذافي، ولكن الحلف نفى مرارًا وتَكرارًا أن تكون ضرباتُه تستهدف القذافي أو أحدًا مِن مسؤولي النظام!
وقد بثَّتْ قنوات القذافي - الأربعاء الماضي - رسالةً صوتيةً مُسجلة للقذافي؛ تحدَّى فيها حِلْف الشمال الأطلسي، حيثُ أعطتْ هذه الرِّسالة مُؤشِّرًا عن استسلام القذافي، قائلاً: "استمروا في الهجمات لمدة سنتين أو ثلاث أو حتى عشرة سنين! وفي النهاية المعتدي هو الذي سيخسر"!
ومنذ بداية الحملة في مارس/ آذار المنصرم، أمطر حلف الشمال الأطلسي بوابل من الضربات مقرَّ إقامة القذافي بباب العزيزية - الواقع بوسط مدينة طرابلس، ولكن يُعتقد أن القذافي تَرَك ذلك المكان الذي يعتبر مركز القيادة والتحكُّم منذ فترة طويلة!!
وهناك ضربةٌ وجَّهَها حلف الشمال الأطلسي لمكان يعتبر ليس ذات هُوية عسكرية واضحة؛ حيث قام يوم 8 يونيو/ حزيران باستهداف منطقة وصفَها النظام الليبي بأنها محميَّة طبيعيَّة في ضواحي الهضبة على أطراف العاصمة، وسارَع الصحافيون إلى ذلك الموقع بعد عدة ساعات من الضربة، فوجدوا علفًا مبعثرًا لإبل وماعز بين بقايا رماد لشاحنة وخيمة فخمة من النوع الذي يستخدمه القذافي لاستقبال الوُجَهاء الأجانب، ورفض علي محمد الحارس والمسؤول عن هذه المحمية التصريح إذ ما كان القذافي متواجدًا في هذا الموقع ليلة البارحة أو لا، ولكنه قال: "إنَّ القذافي عادة ما يحب الأماكن الطبيعية المفتوحة، وهذا ما يجعل القذافي يحب هذا المكان"!
وأضاف قائلاً: "إن حلف الشمال الأطلسي يعتقد أن القذافي يتواجد في كلِّ مكان من العاصمة، وبالتالي فهو يضرب في كل مكان"!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
· أسهم في هذا التقرير كل من: سام داقر، وسيوبان غورمان، وجو باركنسن، وكرستوفر رودس.
No comments:
Post a Comment