بداية نقول أننا نبارك أى اجتماعات وكل اللقاءات بين الليبيين يجرى فيها النقاش والبحث وتبادل الآراء واثراء الفكر وايجاد العوامل التى تواكب التطورات الجارية قبيل الانتصار النهائى فى معركة الارادة من أجل الحرية والكرامة وحقوق الانسان الليبى بعد مرحلة العنت والاضطهاد ،
ونحن نرحب ببداية مرحلة التفاعل والتجديد فى السياسة الفكرية والاجتماعية ثم التعليمية والاقتصادية والصحية ، شرط أن يكون الهدف دائما هو الجمع الذى يتمثل فى الوحدة الوطنية ( الوحدة بنصب الحاء وليس خفضها ) داخل الوطن الليبى غربا وشرقا وشمالا وجنوبا لاننا يجب أن نكون ضد ما يمكن أن يجرى خارج الوطن وحصوصا فى البلاد غير العربية كما كان موقفنا ضد مؤتمر القبائل الذى أريد له أن يعقد فى روما ليس لأننا ضذ هذا البلد ولا ضد اجتماع القبائل ، وقلنا فى مقال بعنوان ( ماذا يراد بطبخة مؤتمر روما ؟ ) أنه ليس من المنطقى ولا المقبول أن تجتمع القوى الوطنية الليبية لتقرر ما يجب أن يكون فى بلد غير عربى وبتمويل غير عربى واعداد غير عربى ذلك أن بلادنا ليبيا وكذا العربية لا ينقصها التمويل وقدرات الاعداد والاستعداد ، وحمدنا الله أن ذلك المؤتمر لم يعقد وما كان له أن يأتى بما يخدم القضية الوطنية ، وعلى ضوء هذه المصلحة صار الاتجاه الى عقد المؤتمرات على اى مستوى فى ليبيا وتلك سنة حميدة نباركها ، وقد عقد منذ أيام مؤتمرا تحت تسمية الفيدرالية فى بنغازى كما رأينا ، ومجرد التسمية تثير الشكوك وتزعج من عايش الفيدرالية كحالة ( العبد لله ) لأنها تعنى وبكل وضوح التمييز والتقسيم ، ولابد أن كل من عاصر فترة ما بعد الحرب العالمة الثانية يعرف أن التقسيم وخلق الخلافات صناعة بريطانية ومصطلح ( فرق تسود ) منطق تاريخى انجليزى ، ولقد كان أول من خط بقلم أحمر تقسيم العراق السيد الانجليزى كوك وهو الذى رسم الحدود بعدئذ بدلك القلم الذى ربما يوجد الآن فى المتحف البريطانى بلندن ، وفعل نفس الشىء الانجليزى لورانس العرب فى الجزيرة العربية وآخر من نفس جنسه فعل ذات الشىء فى فلسطين وغير هذه وتلك ،
وربما لا يجب أن نذهب بعيدا حيث كانت فى ليبيا الادارة البريطانية وقد انشأت الحواجز بين غرب ليبيا وشرقها ، واذكر أن البوليس التابع لتلك الادارة كان يقبض على المواطن الليبى فى بنغازى ويحقق معه وعندما يتضح أنه من غرب ليبيا يقرر طرده خارج الحدود باعتبار أنه أجنبى من طرابلس ، وكانت الحدود الفاصلة بين بنغازى وطرابلس قرب قوس الاخوان فيلينى اى بين العقيلة وسرت وكان انجليزى آخر يصر على أن تكون ليبيا ثلاث دول وذلك أثناء زيارة بعثة الامم المتحدة التى تستطلع رأى الليبيين فى الاستقلال ونظام الحكم المستقبلى ولولا وجود مندوبى مصر والباكستان فى تلك اللجنة لكان قد تقرر أن تكون ليبيا ثلاث دول مستقلة ( دولة فزان ودولة برقة ودولة طرابلس ) ثم أنه بعد قرار استقلال ليبيا فى يناير 1951م وتكونت الدولة الليبية ( المملكة ) حدث ان كان نظامها اتحادى اى فيدرالى وكان ذلك أيضا بتدخل أجنبى وبالتالى ] صارت أعباء الاتحاد باهضة جدا اذ كانت هناك ادارات ومجالس وقوات اتحادية ومثيلاتها ولائية بالولايات الثلاث ، ولم تكن الدولة الوليدة قادرة على مواجهة تلك التكاليف الا بالتنازل عن اراض وتأجيرها لقوى أجنبية مما زاد المشكلة تعقيدا وضررا بالكرامة الوطنية
وقد يقول قائل أن هناك الاتحاد السويسرى والاتحاد الأمريكى الشمالى والاتحاد اليوغسسلافى والاتحاد السوفييتى والاتحاد التشيكوسلوفاكى الخ ونعلم جميعا أن هذه البلدان بها اجناس ولغات واديان مختلفة ورغم تقدم بعضها علميا وتكنولوجيا وثقافيا فانها لم تسمر فى اتحادها بل أن بعضها تقاتل مواطنوها ثم تفتت وواجهت صعابا ومشاكل حول الحدود والموارد والثروات والامكانيات وحتى أقامة المواطنين مما خلق توترا دائما واحيانا عداء وتقاتل ، وعلى ضوء كل ذلك نقول ( ليبيا واحدة نعم ، فيدرالية لا ) لأننا أولا شعب واحد ولغة واحدة ودين واحد وأرض واحدة محددة معروفة عشنا ونعيش عليها منذ ولدنا على أرضها الطيبة ،
بقى أن نقول أن المؤتمر الذى تمت الدعوة اليه قد لا يكون أكثر من تجمع لا يصل الى نتيجة بسبب العدد الكبير من المشاركين اى 350 مشاركا ونحن نعتقد أنه سوف تعميه التناقضات ولذلك حبذا لو كان العدد لا يزيد على 50 عضوا من ذوى التخصصات العليا السياسية والقانونية والفكرية والعلمية والخبرة الواسعة فى مختلف المجالات ، ومن المؤكد أن المواطن الليبى يتطلع الى دولة ديموقراطية يسود فيها العدل وحكم القانون وحرية الانسان ومؤسات وطنية تنشأ فى جو الحرية والدستور الحضارى متمثلة فى صحافة حرة وقضاء مستقل وبرلمان منتخب ضمن القواعد الديموقراطية الجديدة بحيث يحدث التقدم والاسقرار،
د- عبدالوهاب محمد الزنتانى
No comments:
Post a Comment