عبدالحميد الكبتي : الثوار .. ومحاولات الإقصاء!


الثوار .. ومحاولات الإقصاء!


عبدالحميد الكبتي
حياكم الله .. منذ اليوم الأول لثورة 17 فبراير ونداء الشباب في الشوارع " الله أكبر " تبعه تكبير المساجد ودعوات الحرائر، مع قنوت في أغلب الصلوات، وفرح الناس بهذا الشعار السماوي والنداء بقوة وجبروت وعظمة رب الكون؛ بأن يكون معنا في ثورتنا ضد الظلم وأعوانه والفساد وأزلامه، بل حين انخفض صوت التكبير تزامنا من مراوحة الجبهات، بدأ الطلب يزداد على التكبير والنقد لانخفاض صوته في المآذن والحناجر، وكان الله سبحانه معنا.
ليس هذا في بنغازي وحسب، بل في كل المدن والجبهات والمعارك، كان شعار " الله أكبر " مصاحبا للثورة، في كل حركاتها السلمية المدنية، وتحركاتها العسكرية والقتالية.
الآن وقد تحقق النصر لنا في كل ليبيا، بدأ الهمز واللمز على الثوار والقيادات الميدانية، بدأت محاولات النيل منهم، وبدأت تصريحات الإقصاء تخرج من هنا وهنالك، كأن هؤلاء الهمازين اللامزين نسوا أو تناسوا النداء العلوي " الله أكبر "، الآن وقد تحقق النصر يبدأ اللمز والهمز!!، تلك صنعة غير الرجال، وصنعة أهل التسلق والمصالح الشخصية، وقليل منهم عن حسن نية يطلق العنان للسانه.
أيها الفضلاء: نحن شعب مسلم، لا يقدر أحد أن يغير هويتنا مهما حاول ـ وقد حاول الظالم لأربعين سنة ولم يقدر ـ ونحن شعب وسطي التوجه، لا نحب التنطع والتشدد ولا نحب الميوعة والفساد، أمرنا في ديننا وسطي جميل، حتى أننا شعب مسلم بالكامل، لا يوجد بيننا أي ديانات أخرى، فلماذا يهمز أولئك منَ يرفعون نداء التكبير لرب العالمين!، صحيح قد يكون بيننا شواذ، لكن الشاذ لا حكم له، والجميع لا يقبله ويرفضه، لأن الجميع على منهج سمح جميل، والعبرة بمجموع الناس لا بآحادهم،  فلا يحاولن أحد أن يسلبنا ويسلب رجالنا مصدر عزتنا وعامل مع عوامل نصرنا، علينا أن نعي كل تلك المحاولات، وأن نرصدها ولا نسكت عليها، لكن برفق ولين سماحة، كما هو ديننا الجميل، ومن بين تلك المحاولات:
·   التقليل من شأن تحرير طرابلس: سمعت أحد كبار الضباط في قناة عربية، يصف تحرير طرابلس بأنه تم بشكل عشوائي من قِبل الثوار.. كأن العشوائية هي التي فتحت بها طرابلس وتحررت. هذا التهميش لجهود الثوار وخططهم وتحركاتهم من مصراته والزنتان، يراد به التقليل من شأن عملهم، كأن التحرير يجب أن يكون على يد ضباط كبار يعرفهم الناس!!، ونسى المتكلم أنها ثورة شباب في المقام الأول. هذه واحدة.
·   القاعدة والجماعة المقاتلة: بعد أن ظهر أ. عبد الحكيم بالحاج كقائد عسكري لطرابلس، ومن بعد أن اتضح دوره في التخطيط والتنفيذ وظهوره في وسائل الإعلام، اغتاظ البعض وأرادوا تذكير العالم بأن عبد الحكيم كان في القاعدة أو الجماعة الإسلامية المقاتلة، هذا الكلام يقال كي يؤلبوا الغرب ومصالحهم على أولئك الرجال، ويأخذوا هم مكانهم!!. الجماعة المقاتلة كانت تهدف في المقام الأول اغتيال الظالم، ولم يكن من أهدافها تدمير البنية التحتية أو اغتيال عامة الناس، ثم إن الجماعة المقاتلة أصدرت مراجعات فكرية رصينة دان بقوتها علماء الأمة، ولم يقدر أي تنظيم مقاتل في كل العالم على أن يقارب طرحهم الفكري ومراجعاتهم الجريئة، بل إن ما أقدمت عليه الجماعة المقاتلة من مراجعات ونقد ذاتي، عجز اليساريون والعلمانيون على نقد أنفسهم بمثل تلك الجرأة، وهذه الثانية.
·    الإعلان الدستوري والحقوقيون: جاء في الإعلان الدستوري الصادر من المجلس الوطني الانتقالي، بأنه يتم اختيار 20 عضوا من كل محافظة، على أن يكون 5 من هؤلاء الأعضاء حقوقيون..! لا أحد ينكر وقفة الحقوقيون أمام محكمة شمال بنغازي، ولكن الذي حرك الثورة هي دماء الشباب وبطولاتهم وليست حناجر الحقوقيون ووقفاتهم، لا نبخس لعامل عمله في هذه الثورة مهما صغر عمله، لكن أن نقدم الحقوقيون ونعطيهم ربع المقاعد في المؤتمر الوطني، ونهمش الثوار وتضحياتهم فهذا لا يقبل به سوي العقل، حريص على مصلحة الوطن والمواطن، فلولا جهود الثوار وبسالتهم في كل الجبهات، لما تحركت هذه الثورة ولما انتصرت، فلم نحاول إقصائهم!!. وهذه الثالثة.
أيها الفضلاء: إن الدول تنتصر بالعدل وإن كانت كافرة، وتهزم بالظلم ولو كانت مسلمة، العدل أن نعطي لكل ذي حق حقه، ولا نبخس الناس أشيائهم، ولا نكن من المطففين؛ ( الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ) صحيح أن الظالم اعتقل وعذب وقتل بعض الحقوقيين، لكنه قتل من الثوار ما يفوق 20.000 شهيد، وأكثر من ذلك مفقود، وأكثر من ذلك مصابين وجرحى، فهل يستوي هذا وهذا!، وصحيح أن ليبيا تحتاج للحقوقيين، لكنها تحتاج أيضا للرجال المغاوير.
كل من يحاول أن يشوه نداء " الله أكبر " بالتنطع والمغالاة فليس منا، وكل من يحاول طمس نداء " الله أكبر " فليبحث له عن مجتمع أخر لا يرفع في ثورته وجبهاته وبيوته وخدور نسائه وأصوات أطفاله، عن هذا النداء. كما ندين كل تطرف وتشدد ندين كل محاولة للنيل من ثوابتنا وهويتنا وديننا وأعرفنا الجميلة.
لا للتهميش لا للإقصاء لا للهمز لا للمز لا للطعن، كلنا أبناء لليبيا الغالية، وعلينا أن نكون ( صفا كأنه بنيان مرصوص ) فمرحلة البناء السريع واستدراك ما فات، تحتاج إلى كل الجهود المخلصة، أيا كان توجهها، مادامت تحافظ على ثوابتنا وتسعى لتحقيق أهداف ثورتنا.
إن العالم كله انحنى إجلالا لثورتنا، وهالته براعتنا في تحقيق النصر، أفلا ندرك قيمتنا وما أنجزناه في العالمَين، وسنبقى نصدع بكل فخر: الله أكبر، لن تضيع دماء إخواني سدى.... مع خالص التحايا *

 

No comments:

Post a Comment

Followers

Pageviews