الرائد عبد السلام اجْلود يريد دورا قياديا في ثورة 17 فبراير !!
عندما وقف السيد محمود جبريل ، رئيس المجلس التنفيذي أو ( رئيس الحكومة الليبية ) كما لقبّه السيد سار كوزي .. عندما وقف يعلن فيما يُشبه " البشرى " التي يزفّها للثورة والثوار الليبيين ، وتتعلق بنجاح الرائد عبد السلام اجْلود في الخروج من منزله بمدينة طرابلس وتمكُنه من الفرار والإفلات من سطوة القذافي ! وتأكيده بأن عملية تحريره- كما أعلن محمود جبريل - قد تمت بوسائل ليبية مائة في المائة ! أعلن جبريل أن الرائد عبد السلام اجْلود " اشترط " أن يُسند له دور قيادي في ثورة فبراير !
ولا بد أن يُهلل " الثوار" الليبيون ويسارعون إلى إطلاق الرصاص في الهواء ، إبتهاجا بهذا " الإعلان المهم " الذي زفّه لهم الدكتور محمود جبريل ! .. ولمَ لا ؟ أليس الرائد اجْلود هو الرجل الثاني في "عملية " تنفيذ مُؤامرة إنقلاب الفاتح من سبتمبر المجيدة ، التي دبّرها ( أعداء ليبيا الدوليون الكبار ) قبل اثنين وأربعين سنة ، للإطاحة بأول دولة مستقلة لليبين في التاريخ ، وتقويض المملكة الدستورية العصرية التي أسسها الملك إدريس ، والقضاء على مشروعها الحضاري المُنجز ومُكتسبات إستقلالها التي تحققت على مدى قصير، ثمانية عشر عاماً ! وإبادة ذلك كله في مدى قصير بعد الاستحواذ على السلطة واستلامها من طرف الأوغاد والجهلة والرعاع وعلى رأسهم القذافي واجْلود !
واجْلود ، هو الشريك الأول للملازم معمر القذافي ، في كل ما ارتكبه من خيانة وجرائم وفظائع وكوارث أوصلت ليبيا إلى ما وصلت إليه الآن من دمار وخراب وانحطاط ومصير تعيس !
اجْلود ، هو الرئيس الأول للجان الثورية التي دشّنت حملات التصفية الجسدية ومذابح السابع من أبريل 1977/76 ونفذت مشانق الطلبة في ساحات الجامعة وتولت تصفية ما سمّاه القذافي واجْلود ، باليمين الرجعي داخل الجامعة الليبية ، وأرسلت بالقتلة لتصفية اليمين الرجعي في العواصم الأوروبية من الليبين الذين تمكنوا من الهروب ، وسموهم " بالكلاب الضالة " !
والرائد اجْلود كان القائد الفعلي لزحف جموع الرعاع واللصوص والغوغاء الذين نهبوا أرزاق المواطنين واغتصبوا أملاكهم واستحوذوا على مؤسساتهم وشركاتهم وصادروها لصالح أتباعهم وشراذمهم ، ونفذوا جريمة احراق السجل العقاري ودمروا ونهبوا المستشفيات الخاصة وعلى رأسها مستشفى اندير! وكان أول ما استحوذ عليه اجْلود لنفسه منذ البداية ( منزل بنك شمال أفريقيا ) المخصص لاقامة مدير البنك ، والذي اختاره الرائد الثائر لإقامة زوجته الثانية ( بنت الزرملي ) بعد استغنائه عن زوجته الأولى ،كريمة الشيخ على العقاب بعد نجاح الانقلاب ؟
وبنك شمال أفريقيا يملكه مساهمون ليبيون معروفون بالمشاركة مع بنك الشرق الأوسط .
إلا أن الرائد اجْلود ، وآسفاه ، ما لبث أن نُكّب مع من نُكّب من غدر صديقه الحميم معمر القذافي الذي عزله عن منصب الرجل الثاني وأبعده عن التمتع بالسلطة وحكم عليه بأن يلزم بيته ! شرط أن تُوفر له كل وسائل الراحة وأسباب النعمة والرفاهية والرخاء له ولأسرته وحاشيته ، والسماح له بشهرين فقط ، فى كل سنة للاستجمام والراحة فى سويسرا وانجلترا على أن يقيم فى فنادق لا تقل عن (خمس نجوم ) ووضع سيارة خاصة وسائق تحت تصرفه مع ضمان حرية الحركة له والاستمتاع والاستشفاء وتفقد عوائد نشاطه التجاري القديم وصفقات الأسلحة التى كان قد قام بها بالتشارك مع صهر الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، المرحوم السيد أشرف مروان ؟
هذا باختصار شديد جدا ، بعض ما يمكن أن يُقال عن الرائد عبد السلام اجْلود ، الذي قرر بعد ستة أشهر من تفجُر ثورة17 فبراير ، أن يتخلى عن ( ثورة الفاتح من سبتمبر المجيدة ) وينقلب على صديقه القديم ، الحميم ، وشريكه فى جريمة انقلاب الفاتح من سبتمبر ، بشرط أن يحفظ له الدكتور محمود جبريل كرامته ، ويحجز له من الآن " مقعداً " قيادياً وتوجيهياً ولائقاً ، فى قيادة الثورة الجديدة !
وبالمناسبة .. من هو الدكتور محمود جبريل هذا ؟
إننا ، لم نسمع بهذا الرجل العبقري ، ولا بما يتمتع به من كفاءات ومواهب إلا بعد أن اكتشفه فى جمهورية مصر العربية ، " المهندس " الدكتور سيف الاسلام القذافي ، وقرر استقدامه الى (جماهيرية والده ) ليُعين فيها وزيرا للتخطيط ! ولماّ لم يهتم به القذافي ، وهو عدو التخطيط والتنمية ، اقترح سيف الاسلام على الدكتور جبريل أن يُعين فى منصب ( مستشار خاص ) له ، مع السماح له بممارسة نشاطاته الخاصة فى مصر والأردن ؟
وبقي الرجل كذلك ، مستشارا خاصا لسيف القذافي حتى تفجرت إنتفاضة فبراير في بنغازي ، وأنعم الله علينا بتحول الموقف الدولي وأكرمنا وأعزّنا بتأييد وتدخّل ( الناتو ) مع ثورتنا ، والقيام بدعمها المسلح حتى تحقق لها ، بفضل الله ، وقصف الناتو .. النصر !
ولكن المفاجأة التي أذهلت المتحدث الفصيح الدكتور محمود جبريل ، هي أن اجْلود ، ظهر على شاشة التليفزيون عندما تكلم " رجلاً جاهلاً " ، وعيّ اللسان ، وغير قادر حتى على " التلهويت الأجوف "والدردشة الفاضية وفبركة الوقائع ورواية الأكاذيب التى يتبارى فى فبركتها وسردها " أبطال الفضائيات العربية " من نجوم " الجزيرة " والعربية ، وال ب ب س ، الذين حجزوا مقاعدهم بصورة دائمة على شاشاتها ، الى جانب ما تتسابق هذه الشاشات فى تقديمه من " المعارضين الليبيين المزيفين " ، والكذبة ، أولئك الذين لم يعارضوا النظام أصلا ً، بل كانوا عناصر من مجنديه في الخارج ، أو من تجاره وسماسمرته فى أوروبا أو فى دول الخليج وموظفين سابقين فى اللجان الثورية والمكاتب الشعبية ، وحاشية سيف الاسلام القذافي "وبوشبواته" وعملاء أجهزة مخابرات الدول التي يقيمون فيها !
وقد حرصت وتحرص فضائيات الجزيرة والعربية وال ب ب س على تقديم نجومها بألقاب وصفات علمية ملفقة لكي تفرض وجودهم على المشاهدين الليبيين والأجانب وتكسبهم الاهتمام وتضيف اليهم أيضا صفات " معارضين للنظام " ومحللين سياسيين ، وجميعهم ( دكاترة ) .. !
وقد إكتشفت عند خروجي الأول بعد الاتصال بالمجاهدين فى الجبل الغربي ، وكنت قد عدت بحصيلة وفيرة من أخبار المجاهدين وصور ووقائعة معاركهم ، وحاولت الاتصال بالجزيرة والعربية وال ب ب س لأزودهم بها .. عندما حاولت ذلك ، فشلت ! كانوا ، أي هذه الفضائيات، يتهربون من فتح الخطوط لي بعد الاتصال الأول بهم ثم يمتنعون عن الاتصال ، وكأنّ لهم ( كلمة سر أو كود ) مع الأشخاص المسموح لهم بالتحدث ؟
وقد تأكد لي أن هناك مجموعة معينة ومنتقاة يحرص المسئولون عن هذه الفضائيات على تمكينها وحدها من الظهور فى شاشاتها والتحدث عن الأوضاع فى ليبيا ! وتحرص هذه الفضائيات أيضاً ، على إعلاء شأنهم ومنحهم الألقاب التى تُسبغ عليهم الأهمية لكي يكون لشهاداتم وأقاويلهم اعتبار وقوة وتأثير ! ومع ذلك ، فان أكثر هؤلاء المعلقين ، كانوا يلوكون كلمات جوفاء وهزيلة ويرددون جُملاً غير مفيدة وغير واضحة ! مما أثار الكثير من الدهشة والعجب ! والتساؤل : أين المناضلون الذين عرفناهم على مدى أربعين سنة من ظهور القذافي ، بل ومنذ بدايات النضال الوطني ضد أجهزته ومظالمه وجرائمه ؟
أين مناضلو الحركة الديمقراطية الليبية ؟ التي أسسها سنة 1978 فاضل المسعودى وعبد الرحمن السويحلي ونوري الكيخيا والمرحوم ، محمد عثمان الصيد رئيس الوزراء الأسبق ، والأستاذ سليمان دهان ، والاستاذ المرحوم محمد هويسة ، ومحمد صالح بويصير ، والدكتور فيصل عبد العزيزالزّقلعي والدكتورة فريدة العلاقي ، وسالم العلاقي ، والمرحوم عبد السلام محمود المنتصر وعصام عبد المولى لنقي ؟ أين ( الحزب الديمقراطي الليبي ) وأين الحركة الليبية البعثية ؟ وأين تحالف المرحوم منصور الكيخيا وعاشور بن خيال وجماعات عبد المنعم الهوني الذي انشق على القذافي مع انشقاق الرائد عمر المحيشي ومحاولته الجريئة لاسقاط نظامه فى أغسطس 1975 !
أين الدكتور فيصل الزقلعي الذي حاول القذافي أن يقتله باطلاق الرصاص على رأسه بمسدس رجل من المخابرات المركزية الأمريكية ، فى أول سنة1980،بعد أول مؤتمر موسع للحركة الديمقراطية فى مدينة تطوان ؟
بل أين فاضل المسعودى نفسه الذي صادر انقلاب الفاتح من سبتمبر جريدته المناضلة ( الميدان ) بعد أقل من شهرين من وقوع الانقلاب وكان أول من وقف ضد سلطة انقلاب سبتمبر69 ، قبل أن يضطر للهرب عبر الحدود ، مشياً على الأقدام فى ديسمبر 1969 ويؤسس المعارضة فى الخارج ؟؟
أين الرواد الأوائل من الذين رفضوا مؤامرة سبتمبر ؟ مدير الجامعة الليبية الأستاذ عبد المولى دغمان وصديقه المحامي أحمد بورحيل وقد انتقلا الى رحاب الله بعد اثني عشر سنة من السجن ! ولكن زميلهم الثالث فى النضال وفى السجن الأستاذ الصحفي والوزير أحمد نجم لا يزال على قيد الحياة ! أين هو الآن ؟ من يتذكره فى كل هذا الصخب الذي يجري فى بنغازي ؟ ومن توقف عند بابه ، بعد كل ما قدمه من كفاح ومعاناة و من يتذكره فى زحمة السباق المحموم على المقاعد الأمامية بين هولاء ( الصبيان ) من براعم الثورة ومواليد الفاتح من سبتمبر .. غير المجيدة ؟؟
بل ، وأين رواد معارك السابع من أبريل 1976 وضحايا القمع والسجون وأحكام التأبيد ومن بقي من أولئك الرجال على قيد الحياة ومن نجوا من أمثال رجب هنيد و رضا بن موسى ونوري المقنّي و إبراهيم اغنيوه وخليفة شاكرين ومصطفى نصر وفوزية سيفاو خريبيش وزبيدة حامد العبيدي والاساتذة يوسف المهرك (عميد كلية العلوم) و مختار الغرياني (كلية هندسة النفط) و سليمان العزابي (كلية التربية) ، والفنان عمر جهان وعزالدين القمودي ، وجميع هؤلاء الرواد .. جميعهم ليس لهم مكان في تاريخ ليبيا ونضال الشعب الليبي خلال أربعين سنة ، ولا تتسع لسيرهم الذاكرة الوطنية الليبية التي تصنعها الآن " الدوحة " وفضائيات الجزيرة العربية وصانعوا الأحداث في القاعدة الأمريكية الرابضة في قطر .. هذه القاعدة التي تتولى صناعة التاريخ في المنطقة كلها ، وترتيب أحداث المستقبل ؟
محمد الشامس
No comments:
Post a Comment