في الحقيقة طلب مني بعض الأصدقاء – بعد هذا اللغط الحاصل الان حول مباني القنوات التابعة للدولة – طلبوا مني أن أضع تصورا حول كيفية استغلال هذه القنوات، بدون أن يكون هناك تعد ولا وضع يد على أملاك الشعب من أي من القنوات الليبية التلفزيونية والمسموعة الخاصة (ليبيا الأحرار/ ليبيا الحرة/ ليبيا أولا/ العاصمة/ ليبيا تي في)، وخصوصا أننا لا نملك حتى الآن "القناة الأولى" أو القناة "الوطنية" التي يمكن القول بأنها قناة الليبيين جميعا ولسان حال الدولة الرسمي.
وللتوضيح فإنني ألخص موقفي مما حصل بما يلي:
أولا/ لا يمكن الشروع في تشغيل هذه القنوات دون وضع إطار واضح المعالم لشكل المؤسسة التي ستقود إعلام الدولة الليبية الجديدة، والتي حتما ليست "وزارة الإعلام ولا وزير الإعلام" التي هي بالطبيعة لسان حال "الحكومة وأعضائها" وليس "الدولة ومواطنيها".. فالوضع الحالي للإعلام مربك للغاية ولم يتمكن حتى الآن مسؤول الملف الإعلامي بعد مضي أكثر من 5 أشهر على توليه من وضع رؤية وخطة لقيادة الإعلام في المرحلة السابقة ولا في المرحلة الإنتقالية، اللهم إلا إذا اعتبرنا بأن جل الإهتمام كان منصبا على قناة "ليبيا الأحرار" الخاصة به.. والتي تتعرض لنقد مستمر بسبب ضعف أدائها المهني ومضمونها الخطابي، فضلا عن عدم قدرته في إيجاد لغة مشتركة والتنسيق التام داخل المكتب التنفيذي والمجلس فيما يتعلق بالتصريحات التي باتت مربكة للغاية في الأونة الأخيرة.. فضلا عن تصريحات جانبها الصواب وغير صادقة.
ثانيا/ بعليه أدعو المجلس الإنتقالي والمكتب التنفيذي بدعوة "الصحافيين والإعلاميين الليبيين" الذين لم يكونوا أبواقا لهذا النظام خلال ثورتنا المباركة.. في الداخل والخارج إلى عقد مؤتمر عام في العاصمة طرابلس في الأول من أكتوبر القادم، يكون الهدف منه هو :
الإعلان عن تأسيس الجمعية الوطنية للصحافيين والإعلاميين الليبيين كسلطة إعلامية مستقلة تماما، ويتم انتخاب أعضائها كل أربع سنوات مرة، وبدورها تأخذ على عاتقها ما يلي:
1. وضع قانون للصحافة والإعلام وميثاق شرف مهني للصحافيين في ليبيا.
2. حماية الصحافيين من أي انتهاك قد يتعرضون له، والدفاع عن حقوقهم.
3. وضع الميزانيات وإقرار الخطط التدريبية اللازمة لإعادة بناء الإعلام والصحافة في ليبيا.
4. منح التراخيص أو سحبها لوسائل الإعلام "وفق قانون الصحافة والإعلام القائم على معايير مهنية واحترام الرأيوالرأي الآخر" وليس على معايير تتعلق بزعل الحكومة ورضائها.
5. مناقشة "أوضاع المباني الإعلامية التابعة للدولة" وكيفية التصرف بها التصرف الأمثل ووفق قواعد محددة.
وهنا أحب أن أسجل الملاحظات التالية:
إذا صدقت الأنبأ حول أن المجلس الانتقالي منح مبنى قناة "الجماهيرية" لقناة ليبيا الأحرار.. فسوف يكون المجلس ومعه أعضاء المكتب قد دشنوا عهدهم الجديد بأول قضية فساد ورشوى ومحسوبية كنا نعتقد بأن شعبنا ناضل وضحى بدماء أبنائه من أجل القضاء عليها.. وأرجو وقتها أن لا ينطبق علينا المثل القائل: كانك يابوزيد ماغزيت..
فمعلوم أن قناة "ليبيا الأحرار" قناة خاصة تتبع السيد محمود شمام ومكونة من أعضاء مجلس إدارة خاص وهما: السيد محمود جبريل والسيد محمود شمام، وهي تعبر عن أفكارهم وآرائهم، وليست ملكا للمجلس الإنتقالي ولا تعبر عن وجهة نظره الخاصة ولا تعبر عن وجهة نظر الشعب الليبي.. بدليل أنني شخصيا قد تم إقصائي تماما من أي مشاركة في أي من برامجها (والزملاء بداخلها يعرفون ذلك جيدا) وذلك بسبب انتقادي الإداري والمهني لأداء القناة منذ الأيام الأولى لظهورها وقراري الانسحاب منها لعجزي التام عن إصلاح الأداء الإداري والمهني الضعيف.. ولازلت أحتفظ بردود مدير القناة على تلك الرسائل.. ومطالبتي المتكررة للمجلس بتبيين الحقيقة للشعب بأن القناة هي قناة خاصة وليست قناة للشعب الليبي.. وهذا ليس عيبا .. وإنما العيب فقط أن ندعي غير الحقيقة.
كما إنني شخصيا لم أسمع "بوزير إعلام" في أي دولة من الدول المتحضرة يمتلك قناة خاصة به.. ففي بريطانيا مثلا يسحب ترخيص أي قناة عندما يكتشف بأنها تابعة لوزير من الوزارء!! طبعا يمكن أن يحصل هذا في دولة معمر القذافي وابنه سيف الشخص الوحيد الذي كان يمتلك قناة خاصة به.. وكان الأجذر بالأخ شمام أن يستقيل من "الوزارة" أو من "القناة".. ولا تبقى الأمور على هذا النحو الغريب والغير مفسر في دولة تنزع عنها ثوب الديكتاتورية وترتدي ثوب الديمقراطية!!.
ومن هنا لا بد من التأكيد على أنه لا يجوز لأي قناة خاصة أن تستولي بمنطق "الغاب" على مباني وأملاك الشعب.. لا بحجة الوطنية ولا بحجة السبق.. وبدلا من هذا الصراع "السمج" كنت أتمنى أن ينشغل مسؤول الملف الإعلامي بدلا من تقسيم "الكيكة" بين قناته وبقية القنوات!! أن ينشغل قليلا بسوء إدارة الإعلام الحاصل الآن.. والإرباك الواقع بسبب تضارب التصريحات التي إن كنا قد سكتنا عنها في الماضي بسبب ظروف الحرب وعدم رغبتنا في إرباك الصف الداخلي، فإننا حتما لن نصمت عنها بعد الآن، وسوف نطالب الجميع بالشفافية والمصداقية وحتى بالاستقالة إذا فشلوا في أداء رسالتهم.
إن الأداء الإعلامي المربك مابين المكتب التنفيذي من جهة والمجلس الإنتقالي من جهة أخرى، يعكس غياب الرؤية السياسية المتماسكة والقوية في الداخل.. وهو ما يخلق هوة ما بين أولئك المتحدثين الذين يخالهم المرء بأنهم من بلدين متصارعين وليسا في مركب واحد، وهي رؤية لم يفلح المكتب التنفيذي في طرحها حتى الآن للتفاعل والنقاش والإثراء الحقيقي بين شرائح الشعب المختلفة.. واكتفى بمنطق فردي للقيادة، ونظرة فوقية نخبوية تناقش تلك الخطط والأفكار على نطاق ضيق للغاية.. يصطدم المجلس ومكتبه للوهلة الأولى عند عرضها بأفواه مفتوحة وأنظار مشدوهة.
إنني أطالب أبناء شعبي بأن يكونوا على يقظة من تلك الخروقات.. وتحاول أن تسرق ثمرة النضال الأليم.. وبعدم الرضوخ ولا الصمت لتلك التجاوزرات أيا يكن صاحبها.. فمنطق "القوة والعسكر" الذي يستولي على تلك المباني منطق "قذافي" بامتياز. ولعمري إنها فضيحة في وجوهنا جميعا أمام زملائنا الإعلاميين الذين كانوا يقمعون تحت السجون والتعذيب والذين استشهدوا في ميادين القتال.. وكنا نحن ننتظر لحظة تحرير طرابلس حتى ننقض على ممتلكات الشعب.
وأنا أكتب هذه الكلمات ربما سيقول البعض: بأنني أرغب في قطعة من"الكيكة".. فأقول: ليس عيبا أن يكون الإنسان طموحا وذا رغبة في تقلد المناصب إذا كان أهلا لذلك.. غير أن الوضع في حالتي مختلف.. فأنا خرجت للشارع يوم 16 فبراير وشاركت مع أبناء شعبي أيامه الأولى للثورة.. وتحدثت عن قضيتي والثورة جنين لم يكتمل نموه بعد ولم أراهن وقتها لا على منصب ولا على مال.. ولم أنتظر من أحد جزاء ولا شكورا ولا شهادات في الوطنية.. والحمد لله بعد أن منَ الله على شعبنا بالنصر.. ربما نكون قد أكملنا مهمتنا "إعلاميا" في إسقاط النظام.. ويجب أن ننسحب نهائيا الآن لنترك الساحة لجيلنا الذي قرر أن يغير النظام في 17 فبراير.. فنحن جيل ربما ساهم في "الهدم والإسقاط" ولا نصلح اليوم أن نأخذ مكان جيل جديد هو جيل "البناء والنماء" ليكمل الرسالة ويحافظ على دماء أبنائنا التي سالت أنهرا فوق ترابنا الحبيب... والله الموفق.
سليمان دوغة
تونس.. طريق العودة للحبيبة طرابلس
28/8/2011
وللتوضيح فإنني ألخص موقفي مما حصل بما يلي:
أولا/ لا يمكن الشروع في تشغيل هذه القنوات دون وضع إطار واضح المعالم لشكل المؤسسة التي ستقود إعلام الدولة الليبية الجديدة، والتي حتما ليست "وزارة الإعلام ولا وزير الإعلام" التي هي بالطبيعة لسان حال "الحكومة وأعضائها" وليس "الدولة ومواطنيها".. فالوضع الحالي للإعلام مربك للغاية ولم يتمكن حتى الآن مسؤول الملف الإعلامي بعد مضي أكثر من 5 أشهر على توليه من وضع رؤية وخطة لقيادة الإعلام في المرحلة السابقة ولا في المرحلة الإنتقالية، اللهم إلا إذا اعتبرنا بأن جل الإهتمام كان منصبا على قناة "ليبيا الأحرار" الخاصة به.. والتي تتعرض لنقد مستمر بسبب ضعف أدائها المهني ومضمونها الخطابي، فضلا عن عدم قدرته في إيجاد لغة مشتركة والتنسيق التام داخل المكتب التنفيذي والمجلس فيما يتعلق بالتصريحات التي باتت مربكة للغاية في الأونة الأخيرة.. فضلا عن تصريحات جانبها الصواب وغير صادقة.
ثانيا/ بعليه أدعو المجلس الإنتقالي والمكتب التنفيذي بدعوة "الصحافيين والإعلاميين الليبيين" الذين لم يكونوا أبواقا لهذا النظام خلال ثورتنا المباركة.. في الداخل والخارج إلى عقد مؤتمر عام في العاصمة طرابلس في الأول من أكتوبر القادم، يكون الهدف منه هو :
الإعلان عن تأسيس الجمعية الوطنية للصحافيين والإعلاميين الليبيين كسلطة إعلامية مستقلة تماما، ويتم انتخاب أعضائها كل أربع سنوات مرة، وبدورها تأخذ على عاتقها ما يلي:
1. وضع قانون للصحافة والإعلام وميثاق شرف مهني للصحافيين في ليبيا.
2. حماية الصحافيين من أي انتهاك قد يتعرضون له، والدفاع عن حقوقهم.
3. وضع الميزانيات وإقرار الخطط التدريبية اللازمة لإعادة بناء الإعلام والصحافة في ليبيا.
4. منح التراخيص أو سحبها لوسائل الإعلام "وفق قانون الصحافة والإعلام القائم على معايير مهنية واحترام الرأيوالرأي الآخر" وليس على معايير تتعلق بزعل الحكومة ورضائها.
5. مناقشة "أوضاع المباني الإعلامية التابعة للدولة" وكيفية التصرف بها التصرف الأمثل ووفق قواعد محددة.
وهنا أحب أن أسجل الملاحظات التالية:
إذا صدقت الأنبأ حول أن المجلس الانتقالي منح مبنى قناة "الجماهيرية" لقناة ليبيا الأحرار.. فسوف يكون المجلس ومعه أعضاء المكتب قد دشنوا عهدهم الجديد بأول قضية فساد ورشوى ومحسوبية كنا نعتقد بأن شعبنا ناضل وضحى بدماء أبنائه من أجل القضاء عليها.. وأرجو وقتها أن لا ينطبق علينا المثل القائل: كانك يابوزيد ماغزيت..
فمعلوم أن قناة "ليبيا الأحرار" قناة خاصة تتبع السيد محمود شمام ومكونة من أعضاء مجلس إدارة خاص وهما: السيد محمود جبريل والسيد محمود شمام، وهي تعبر عن أفكارهم وآرائهم، وليست ملكا للمجلس الإنتقالي ولا تعبر عن وجهة نظره الخاصة ولا تعبر عن وجهة نظر الشعب الليبي.. بدليل أنني شخصيا قد تم إقصائي تماما من أي مشاركة في أي من برامجها (والزملاء بداخلها يعرفون ذلك جيدا) وذلك بسبب انتقادي الإداري والمهني لأداء القناة منذ الأيام الأولى لظهورها وقراري الانسحاب منها لعجزي التام عن إصلاح الأداء الإداري والمهني الضعيف.. ولازلت أحتفظ بردود مدير القناة على تلك الرسائل.. ومطالبتي المتكررة للمجلس بتبيين الحقيقة للشعب بأن القناة هي قناة خاصة وليست قناة للشعب الليبي.. وهذا ليس عيبا .. وإنما العيب فقط أن ندعي غير الحقيقة.
كما إنني شخصيا لم أسمع "بوزير إعلام" في أي دولة من الدول المتحضرة يمتلك قناة خاصة به.. ففي بريطانيا مثلا يسحب ترخيص أي قناة عندما يكتشف بأنها تابعة لوزير من الوزارء!! طبعا يمكن أن يحصل هذا في دولة معمر القذافي وابنه سيف الشخص الوحيد الذي كان يمتلك قناة خاصة به.. وكان الأجذر بالأخ شمام أن يستقيل من "الوزارة" أو من "القناة".. ولا تبقى الأمور على هذا النحو الغريب والغير مفسر في دولة تنزع عنها ثوب الديكتاتورية وترتدي ثوب الديمقراطية!!.
ومن هنا لا بد من التأكيد على أنه لا يجوز لأي قناة خاصة أن تستولي بمنطق "الغاب" على مباني وأملاك الشعب.. لا بحجة الوطنية ولا بحجة السبق.. وبدلا من هذا الصراع "السمج" كنت أتمنى أن ينشغل مسؤول الملف الإعلامي بدلا من تقسيم "الكيكة" بين قناته وبقية القنوات!! أن ينشغل قليلا بسوء إدارة الإعلام الحاصل الآن.. والإرباك الواقع بسبب تضارب التصريحات التي إن كنا قد سكتنا عنها في الماضي بسبب ظروف الحرب وعدم رغبتنا في إرباك الصف الداخلي، فإننا حتما لن نصمت عنها بعد الآن، وسوف نطالب الجميع بالشفافية والمصداقية وحتى بالاستقالة إذا فشلوا في أداء رسالتهم.
إن الأداء الإعلامي المربك مابين المكتب التنفيذي من جهة والمجلس الإنتقالي من جهة أخرى، يعكس غياب الرؤية السياسية المتماسكة والقوية في الداخل.. وهو ما يخلق هوة ما بين أولئك المتحدثين الذين يخالهم المرء بأنهم من بلدين متصارعين وليسا في مركب واحد، وهي رؤية لم يفلح المكتب التنفيذي في طرحها حتى الآن للتفاعل والنقاش والإثراء الحقيقي بين شرائح الشعب المختلفة.. واكتفى بمنطق فردي للقيادة، ونظرة فوقية نخبوية تناقش تلك الخطط والأفكار على نطاق ضيق للغاية.. يصطدم المجلس ومكتبه للوهلة الأولى عند عرضها بأفواه مفتوحة وأنظار مشدوهة.
إنني أطالب أبناء شعبي بأن يكونوا على يقظة من تلك الخروقات.. وتحاول أن تسرق ثمرة النضال الأليم.. وبعدم الرضوخ ولا الصمت لتلك التجاوزرات أيا يكن صاحبها.. فمنطق "القوة والعسكر" الذي يستولي على تلك المباني منطق "قذافي" بامتياز. ولعمري إنها فضيحة في وجوهنا جميعا أمام زملائنا الإعلاميين الذين كانوا يقمعون تحت السجون والتعذيب والذين استشهدوا في ميادين القتال.. وكنا نحن ننتظر لحظة تحرير طرابلس حتى ننقض على ممتلكات الشعب.
وأنا أكتب هذه الكلمات ربما سيقول البعض: بأنني أرغب في قطعة من"الكيكة".. فأقول: ليس عيبا أن يكون الإنسان طموحا وذا رغبة في تقلد المناصب إذا كان أهلا لذلك.. غير أن الوضع في حالتي مختلف.. فأنا خرجت للشارع يوم 16 فبراير وشاركت مع أبناء شعبي أيامه الأولى للثورة.. وتحدثت عن قضيتي والثورة جنين لم يكتمل نموه بعد ولم أراهن وقتها لا على منصب ولا على مال.. ولم أنتظر من أحد جزاء ولا شكورا ولا شهادات في الوطنية.. والحمد لله بعد أن منَ الله على شعبنا بالنصر.. ربما نكون قد أكملنا مهمتنا "إعلاميا" في إسقاط النظام.. ويجب أن ننسحب نهائيا الآن لنترك الساحة لجيلنا الذي قرر أن يغير النظام في 17 فبراير.. فنحن جيل ربما ساهم في "الهدم والإسقاط" ولا نصلح اليوم أن نأخذ مكان جيل جديد هو جيل "البناء والنماء" ليكمل الرسالة ويحافظ على دماء أبنائنا التي سالت أنهرا فوق ترابنا الحبيب... والله الموفق.
سليمان دوغة
تونس.. طريق العودة للحبيبة طرابلس
28/8/2011
No comments:
Post a Comment