مؤتمر مجموعة الاتصال باسطنبول؛ رهانات، وضمانات.


تقرير – خاص المنارة- هشام الشلوي
أربعة اجتماعات توالت بين لندن، والدوحة، أبو ظبي، وإنتهاءً باسطنبول، لمجموعة الاتصال، لمناقشة طبيعة وأولويات الحل السياسي، المزمع طرحه بشكل علني، بعد اتفاق شركاء العملية السياسية والعسكرية والمجلس الانتقالي على أبجديات هذا الحل.

كما أعلن البيان الختامي لمؤتمر اسطنبول لمجموعة الاتصال حول ليبيا المنعقد يوم 15 يوليو/ تموز، اعترافه بالمجلس الوطني الانتقالي باعتباره الحكومة الشرعية للشعب الليبي، وهذا مما يسهل عملية فك التجميد عن الأموال الليبية في الخارج سواء باسم الدولة الليبية، أو باسم القذافي وأبنائه أو أحد أركان نظامه الكبار.
ومنحت مجموعة الاتصال كافة الصلاحيات لعبد الإله الخطيب ممثل بان كي مون أمين عام المم المتحدة لإجراء مشاورات الحل السياسي، وأن يكون الوسيط الرسمي بين بنغازي وطرابلس.  
أوغلو، وتوزيع الأموال.
في حين أكد أحمد داود أغلو وزير خارجية تركيا على ضرورة أن تُوزع الأموال المفرج عنها بين بنغازي وطرابلس بطريقة عادلة، واشترط كذلك أن يتم استعمالها في المساعدات الإنسانية، متأملا إيجاد حل سياسي للأزمة في ليبيا قبل شهر رمضان المقبل، وجاء هذا التحفظ أو الاشتراط التركي كون المجلس الوطني الانتقالي لم يبسط كامل سلطته على كامل التراب الليبي، وكونه مجلس توافقي غير منتخب.
بينما اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية بالمجلس الوطني الانتقالي لا كمحاور أو شريك، بل كممثل وحيد للشعب الليبي، على لسان وزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون، معللة ذلك بأن اعتراف بلادها سيسهل تسييل الأموال المجمدة بأمريكا، والمقدرة بحوالي ثلاثين مليار دولار، وسط خلافات بين المشرعين والسياسيين الأمريكان حول قانونية أو عدم فك تجميد الأموال قبيل اعتراف الولايات المتحدة بالمجلس الوطني الانتقالي.
في حين ذكرت بعض المصادر أنه قبيل اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالمجلس الوطني الانتقالي، اجتمعت هيلاري كلينتون، ومحمود جبريل مسؤول ملف الخارجية بالمكتب التنفيذي، وقدم جبريل ما أسماه البعض خارطة طريق ما بعد سقوط القذافي، وضمانات كانت  طالبت بها أمريكا من المجلس تقديمها.
ضمانات مقابل اعتراف.
وتكهن بعض المقربين من دوائر المجلس الوطني الانتقالي، بأن تكون الضمانات التي طلبتها أمريكا، ذات طبيعة سياسية، ودستورية،كشكل نظام الحكم في المرحلة الانتقالية المقبلة، وتشكيل مؤتمر وطني منتخب بآليات توافقية ليكون الوريث الشرعي للمجلس الوطني الانتقالي، ومكتبه التنفيذي، وذلك كله بعد اعتراض أبرز أقطاب مجموعة الاتصال على خارطة طريق سماها المجلس الوطني الانتقالي، وسمى نفسه فيها كقائد ومهندس لسياسات ليبيا في مرحلة ما بعد القذافي، وبذلك يخرج بحسب وجهة النظر تلك دور المجلس من كونه إدارة أزمة في مرحلة معينة، إلى راسم لمستقبل ليبيا السياسي.
بينما أشارت معلومات إلى سعي كل من عبد الجليل وجبريل رأسي هرم المجلس الوطني والمكتب التنفيذي، إلى توسيع المجلس بإضافة أعضاء جدد، قيل عضوين من البيضاء، وآخر من شحات، وإضافة عشرة أعضاء جدد، في محاولة لترسيخ دور المجلس الوطني، والمكتب التنفيذي، وردا على أية محاولة لسحب البساط من قدميهما في مرحلة ما بعد القذافي، وذلك بضغط من أشخاص نافذين من خارج المجلس، للتخفيف من أهمية المؤتمر الوطني المنتخب، وجعله هيكل إداري صوري، لا فاعلية له.
كما تبنوا وجهة نظر تقول، أن الغرب أراد أن يتأكد من خلال المؤتمر الوطني المنتخب، والذي تنبثق عنه، حكومة وطنية منتخبة، وجمعية تأسيسية لوضع دستور دائم يُستفتى عليه الشعب، من أن هناك متحد سياسي يجتمع عليه الليبيين، وتحديد الاتجاهات السياسية المشاركة في إدارة البلد، وكذلك طرح سؤال، هل هناك أزمة جهوية وديمغرافية مزمنة، أم مؤقتة، سريعة الحل، وذلك كله باعتبار-حسب هذا الرأي- أن جزءاً من الشعب الليبي ما زال يؤيد نظام العقيد القذافي، حتى بعد نزع الشرعية السياسية عن سلطة سبتمبر بثورة السابع عشر من فبراير/شباط، وإصباغ لا قانونية القذافي، بموجب مذكرة إتهام مدعي عام محكمة الجنايات الدولية أوكامبو، وتصديق قضاة المحكمة على ذلك. 
على أن بعض المحللين علل مطالبة الولايات المتحدة للمجلس الوطني بضرورة وجود مؤتمر عام منتخب لقيادة ليبيا في مرحلتها الانتقالية إلى أن الغرب الأوروأمريكي يعتقد أن هناك جماعات أخرى على الأرض قد تحاول انتهاز فرصة مرحلة ما بعد القذافي، وذلك بخلق واقع سياسي جديد مجهولة المعالم، فاستبقت أمريكا بهذه الخطوة إغلاقا لكل مجهول قد لا يُحتمل.
ورأوا أن اعتراف أمريكا بالمجلس الوطني الانتقالي، جاء أكثر من المأمول، حيث أن هذا سيسهل فك تجميد الأموال الليبية في الخارج، وحسمت بذلك وزارة الخارجية الأمريكية جدلا لطالما نظر إليه الليبيون من وراء حدود الأطلسي بترقب وحذر.
بينما علق آخرون على تصريح أوغلو، بأن تركيا ما زالت تتخوف من مشروع تقسيم ليبيا،لعقدة تركية، قيل أنها تستمد جذورها من أيام للعثمانيين خلت، لذا آثر أوغلو أن يحدد وجهة تلك المساعدات والأموال، بين عاصمتين، احدهما مؤقتة، بنغازي، والأخرى دائمة، طرابلس، على شكل مساعدات إنسانية، قد تتولى مؤسسات دولية إنسانية توزيعها بينهما.
بينما أكدت تيارات يسارية ليبية، أن المؤتمر الوطني المقترح من قبل الأمريكان هو مطلب بعض القوى الإسلامية لكي يحل محل المجلس الوطني الانتقالي في مرحلة ما بعد رحيل القذافي، كون الإسلاميين أكثر التيارات استفادة من حل المجلس الوطني، والدخول لعالم إدارة سياسية ليبيا فيما بعد القذافي، من بوابة المؤتمر الوطني.
من الغائب الحاضر، والحاضر الغائب؟.
لكن السؤال الذي بقى محيرا لدى الليبيين جميعا، هو كيف سيغادر القذافي ليبيا على مراحل حسب ما ورد بالبيان الختامي لمؤتمر اسطنبول؟ ووفق أي تسويات، وهل كل هذا الضغط السياسي والقانوني الداخلي والدولي، سينتهي بأن يفرض القذافي بعضا من شروطه؟ من الغائب الحاضر؟ ومن الحاضر الغائب؟.

       نشر في المنارة الورقية
العدد الخامس 22-7-2011

No comments:

Post a Comment

Followers

Pageviews