سالم بن عمار : هل أعددت نفسك لاستقباله ؟



تصور لو أنك استلمت رسالة مسجلة من عالم ٍ مشهور أو شخصية جد محترمة فى المجتمع ، يخبرك فيها بأنه يرغب فى زيارتك بعد بضعة أسابيع، وأنه سيبقى فى ضيافتك بضعة أيام، فماذا تفعل؟
لاشك أن الذى يستلم مثل هذه الرسالة سيعلن ما يشبه حالة الطوارىء فى بيته، وعلى قدر وضعه المالى سيحدث تغييرات كثيرة فى البيت ، مثل تبديل السجاد وتنظيف البيت بطريقة لم يسبق لها مثيل فى تاريخه، وإلغاء جلسات المقهى التى كانت مخصصة للقاء الأصدقاء،

 بل ربما انتسب إلى نادٍ رياضى من أجل إنقاص الوزن قليلا حتى يتمكن من ارتداء بدلته المفضلة التى ضاقت عليه، لارتدائها عند استقبال الضيف فى المطار، ناهيك عن ألوان الطعام التى ستُهجز للضيف المرتقب ذي الشأن.
وبعد أيام قليلة سيستقبل كلُ واحدٍ منا ضيفًا عزيزًا ننتظره بفارغ الصبر، فهل أعلنا حالة الطوارىء أو ما يشبهها؟ رمضان الكريم على الأبواب، فهل استعددنا له بما يليق بمقامه؟
للأسف، كثيرٌ من العائلات بدأت فى شراء أنواع ٍ من الطعام لم تُشترَ منذ سنة تقريبا، أو قل إن شئت منذ رمضان السابق، وكأن الشهر هو شهر الولائم وزيادة الوزن !
وهكذا أصبح هذا الشهر فى عالمنا الإسلامي والعربي على الخصوص، شهر الأكلات الشهية، والشهر الذى تشهد فيه العيادات الطبية أكبر عددٍ من مرضى المعدة ، بسبب أنواع الطعام الكثيرة التى تُلتهم فى فترة وجيزة!
إنه الشهر الذى يتلهف على قدومه أصحاب البقالات أيما تلهف، ولم لا والمبيعات المتعلقة بالطعام ترتفع فيه إرتفاعاً ملحوظاً. هذا الشهر هو شهر القرآن، فهل وطنا أنفسنا على الإقبال عليه كما يُقبل الظمآن على ماءٍ بارد فى يوم ٍ شديد الحرارة؟
إنه شهر التوبة وشهر الجود، وشهر إلانفاق على الفقراء، فهل تدور فى عقولنا خواطر عن كيفية قضائه بما يرضي ربنا؟
اشرأبت المجاعة بوجهها القبيح في أرض الصومال، وإخواننا وأخواتنا يتضورون جوعاً، فمن منا يشمر عن ساعد الجد، ويهب فيستنهض عزائم المسلمين ويجمع الأموال لشراء الطعام لهم؟ هل نرحم آلامهم وأحزانهم وهم يرون أطفالهم يبكون حين يعضهم الجوع بنابه، ولا
يملكون إزاء ما يرون سوى دموعهم يسكبونها حرى سخية؟
كثيرٌ منا في رمضان الكريم يقبل على وجبات لذيذة ربما لا يتناولها إلا فيه، فهل نتذكر ونحن نتناولها  أهل الصومال؟  إن من حكم الصيام أن نتذكر الفقراء والمساكين الذين لا يلقون بالطعام مثلنا في براميل القمامة، لأنهم ليس لديهم ما يأكلونه فضلاً عن أن يكون عندهم
 ما يرمونه، فهل نبدأ بحملات تأتيهم بما يشبع بطونهم، وترضي ربنا المنان؟
المئات من العائلات الليبية تعيش في خيام على أرض تونس الكريمة، بعد أن هاجروا إليها هربا من إرهاب القذافي وعصاباته، فماذا أعددنا من أجل مساعدتهم والتخفيف من آلامهم وأحزانهم وشهر رمضان الكريم سيكون أول رمضان يقضونه في أرض الغربة؟ هل دار بخلد
 بعض الأطباء قضاء وقت معهم، خاصة أن بعض الأمراض قد تفشت بينهم  كتلك التي تفشت في مخيم ذهيبة من مثل تساقط الشعر وتورم العينين بسبب وجود نسبة عالية من الكبريت في المياه التي يشربونها كما أعلمني أخي الأستاذ  يوسف أبو جعفر رئيس تجمع
17 فبراير في تونس؟
 
بعض المسلمين يقضون وقتهم في شهر رمضان الكريم حديثًا فى المقاهى أو البيوت ليلاً حول التوافه من شئون الدنيا، ونومًا فى النهار، ويضيع بين هذا وذاك الهدف العظيم الذى شرع من أجله الصيام، قال ربنا:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ
مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة 183
الغريب أن بعض الناس يُصر على إحضار الغث من الكلام إلى مساجد الله إثناء رمضان فيشغل عباد الله عن قراءة قرآن ، أو ذكر ٍلله أو حديثٍ مفيد.
سيمضي رمضان ويترك فريقين بين الناس ، فريق الفائزين وفريق الخاسرين، ففى أى فريق تريد أن تكون يا ترى؟
ندعو الله أن يعيننا على صيامه وقيامه، وأن يكتبنا فيه من الفائزين.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
 
سالم بن عمار

No comments:

Post a Comment

Followers

Pageviews