صالح بن عبدالله السليمان بين رتشارد قلب الأسد و ساركوزي





اكتب هذا ليس لأخواني الليبيين في خارج ليبيا , فلهم من مصادر العلم الكثير , بل لأخواني في داخل ليبيا , بعد أن نقل لي ثقات أن مقالاتي وجدت طريقها إليهم مطبوعة وعلى الهواء .
والله إني أحب كل ليبي , كل ليبي لم يلطخ يده بدم أخيه الليبي , سواء من هذا الجانب أو من ذاك . ولكن حبي لمن يقاوم الظلم أشد .
وبداية أترحم على كل من قتل في " ثورة الفرسان " ثورة السابع عشر من فبراير سواء من الثوار  أو من أبرياء  مدنيين . وأستغرب من الذين ما زالوا يقاتلون أخوانهم , فحرام أن الليبيون يقاتلون ليبيين .  انقسمت ليبيا إلى جبهتين , جبهة تقاتل من اجل التخلص من طاغية كافر . يقتّل الرجال ويغتصب النساء ويدمر المدن ويلغم الصحراء . أما الجبهة الأخرى  فتحارب من اجل أن يبقى هو وأبناءه من بعدة تحت حكم هذا الطاغية وأبناءه.
تدّعي جبهة الطاغية أنهم يقاتلون الصليبية , وأن ثورة شعبهم  ليست بثورة شعبية , بل أن القائمون بها خونة باعوا وطنهم للصليبيين .
وكما قال لي احد مؤيدي العقيد  أنه لا فرق بين رتشارد قلب الأسد على فرسه وبين ساركوزي على طيارته , فكلاهما غازي للبلاد , طمعا في خيراتها . يبغون سلب الليبيين بترولهم .
 لو أن هذه المقولة حق و يمكن أن تنطبق على ثوار ليبيا لكنت أقاتل إلى جنب العقيد , فليس أولى على المسلم من حماية أرضة وعرضه وماله .

ولأجعل هذا التشبيه مدخلا فلنقارن بينهما . لنقارن بين الحملات الصليبية والحملة الدولية على القذافي , وأصّر أنها على القذافي وليست على ليبيا .

جاء رتشارد بمباركة من البابا في الفاتيكان , بينما العقيد يحظي بمباركة بابا الفاتيكان, ولم يجد العقيد من يثبت وجهات نظرة ويدافع عنه في أحوال عدة سوى سفير البابا في طرابلس . فسفير البابا يعمل كمحامي عن العقيد كلما واتته الفرصة .
ففي تعليق له على قرار المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية والذي أيده  كل شعوب العالم ومعظم الحكومات ما عدا من له مصلحة مع العقيد او من يكره الغرب وعلى طريقة عدو عدوك صديقك , كلها كانت مع القرار ما عدا الفاتيكان ففي أول تعليق لهذا السفير  على إصدار مذكرات القاء القبض على معمر القذافي  قال القاصد ألرسولي في العاصمة الليبية طرابلس المونسنيور جوفانّي مارتينيللي أن "ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية للرئيس الليبي العقيد معمر القذافي بإصدار مذكرة توقيف بحقه، "كصب الوقود على النار’ و أن من شأن ذلك تأجيج ألازمة الليبية الراهنة "  
كما انه كثيرا ما أعرب  عن اعتقاده بأن "العقيد القذافي لن يذهب بل سيبقى في ليبيا.
كما انه كان هو وسيلة الإثبات الوحيدة على الإدعاء بمقتل  سيف العرب وثلاث من أحفاد العقيد  , كما أنه هو الذي قال إن منزل الحميدي الخويلدي الذي قصفته قوى التحالف الدولي منزل مدني وليس عسكري , ولا احد يعلم كيف فرق سفير البابا بين المدني والعسكري ؟؟ ومواقف أخرى كثيرة نجد بابا الفاتيكان يقف مع العقيد معمر القذافي ضد الثوار وضد الحملة الأممية عليه 
أرجوا أن تكون هذه النقطة واضحة , فالأقرب للصليبية هو الأشبه برتشارد قلب الأسد . وهنا نجد أن القذافي هو الأقرب .
ثم نجد فرقا آخر بين الحملة الدولية ضد القذافي والحملات الصليبية . وهي أن القائمون على الحملات الصليبية كانوا ينادون بتحرير بيت المقدس من المسلمين بينما الحملة الأممية هي لحماية المسلمين من حاكم وجه إليهم أسلحة لا توجه لمدن وقرى ناهيك أن هذه الأسلحة وجهت لمن دفع قيمتها وتكفل بدفع رواتب مشغليها وحامليها  . ووجهها إليهم من كان يجب أن يكون أرأف بهم من أنفسهم .
وقد قامت الحملات الصليبية بارتكاب مجازر كبرى وقتلت من المسلمين الآلاف . وهكذا يكون نظام العقيد هو الأقرب للحملات الصليبية من الثوار , أو من التحالف الدولي . فالثوار ولنقل جدلا أنهم اخطئوا بحق فرد أو اثنان أو عشرة أو أكثر أو اقل . ولكنهم لم يقصفوا مدن كاملة بأطفالها ونسائها وشيوخها , ولم تهدم المساجد والمباني والمحلات والمصانع كما فعلت قوات العقيد .
قوات العقيد تقصف قصفا عشوائيا وكلما سنحت لها الفرصة , بينما طائرات الحملة الدولية ترمي المنشورات تحذيرا بأنها ستقصف المبنى قبل قصفه لا بل وتدخل إلى شبكات الاتصال واللاسلكي وتبلغ الموجودين بالمبني وتطلب منهم مغادرته . فأيهم الأقرب لأخلاق الحملات الصليبية .

وهنالك الكذبة الكبيرة التي يتغنى بها العقيد وأعلامه أن الناتو هو الذي يقوم بالحملة ضده , والمضحك أن الأعلام المؤيد للثوار ابتلع الطعم وأصبح يردد نفس الخطأ , فالحملة الدولية على كتائب العقيد هي حملة من دول كثيرة منها دول إسلامية وعربية وأوربية , قيادتها الميدانية هي للناتو لأنه الأجدر بالقيادة لما يملك من إمكانات , فحملة " الحامي الموحد "  حملة دولية بتفويض من الأمم المتحدة , وقائمة على شروط منها عدم استخدام سلاح المشاة , وهدفها حماية المدنيين , ولكن عنجهية العقيد وعناده ورغبته في أن يدمر ليبيا قبل أن يغادرها , هي التي جعلته يمتنع عن سحب قواته  من المدن بل ويحاول مراوغة الطائرات , ويدخل الأسلحة في المناطق المدنية .
 ويراوغها لماذا ؟
لكي يقصف مدن ليبيا وقراها !!!!
فهل الحملة الأممية هي المخطئة أم العقيد ؟ العقيد الذي لم يألوا جهدا في التحايل لضرب المدن والقرى , وبذل جهدا جبارا في سبيل إحداث اكبر ضرر في ليبيا والليبيين , فلم يكتفي بالصواريخ والقذائف على أنواعها , بل لجأ إلى الألغام , ألغام داخل المدن وألغام داخل المصانع , وألغام في مناطق الرعي,  وألغام في الطرق , بل بلغ به الإجرام أن لغم جثث القتلى من كتائبه .
وهكذا نرى أن العقيد هو الأقرب لرتشارد قلب الأسد من ساركوزي .
ولي كلمة لمن يقول أن الثوار هم ثوار الناتو , فبالله عليكم من يوم 15 فبراير إلى يوم فرض الحضر الجوي الذي استغرق أكثر من شهر هل كانوا ثوار ناتو ؟
الناتو لم يكن موجودا ولا ساركوزي ولا كاميرون , بل شباب من بنغازي وطبرق والبيضاء ومصراته والزاوية وزوارة وغيرها الكثير , فهل الذي حرك هؤلاء هم الناتو او ساركوزي ؟
هل من أبله يصدق أن شباب واجهوا بصدورهم العارية أسلحة جهزت على مدى أربعون عاما , وأستشهد منهم من استشهد وجرح من جرح . كل هؤلاء مرتزقة لساركوزي ؟ أو مضللين  أو مخدوعين ؟
أتعرفون من المخدوع , المخدوع الحقيقي هو من يصدق سيف القذافي الذي يقول إن القاعدة سيطرت على المنطقة الشرقية وأنهم ينشرون المسيحية  فيها . فكيف جمع المتناقضات ؟
يذكرني قوله هذا بقول الشاعر
أَيُّها المُنْكِحُ الثُّرَيا سُهَيْلاً،        عَمْرَكَ للَّهَ، كَيْفَ يَلْتَقِيانِ
هِيَ شامِيَّةٌ إِذا ما اِستَقَلَّت        وَسُهيلٌ إِذا اِستَقَلَّ يَمانِ
وأسألهم  وأتمنى ان يفكروا مليا في الإجابة :-
هل ترضى أن يعيش ابنك عبدا للقذافي وأبنائه ؟
إني والله لكم ناصح أمين.
صالح بن عبدالله السليمان
كاتب مسلم عربي سعودي

No comments:

Post a Comment

Followers

Pageviews